أزمة نقص الأدوية في تونس تقتل شابين.. والحكومة تدعو إلى ترشيد الوصفات الطبية

شهدت تونس خلال الأيام الأخيرة مأساة جديدة في ظاهرة نقص الأدوية، بعد وفاة الشابين حسام الحرباوي وحسين العبودي، نتيجة عدم توفر الأدوية اللازمة لعلاجهما من مرض السرطان.
الشاب حسام الحرباوي قضى أكثر من شهرين دون تلقي العلاج الكيميائي الضروري، بعد أن رفض طلبَه الصندوقُ الوطني للتأمين.
وفي مسار مشابه، عانى حسين العبودي نفس المصير، رغم محاولاته المتكررة للحصول على الدواء الضروري للبقاء على قيد الحياة.
وأعادت هذه الحوادث إلى الواجهة النقاش بشأن شحّ الدواء في تونس، وهو ملف لطالما أثار استياء المواطنين وقلقهم، خصوصًا بين المصابين بالأمراض المزمنة والخطيرة.
وزارة الصحة: النقص "ظرفي"
من جانبها، أقرت وزارة الصحة التونسية بوجود نقص في الأدوية، ووصفته بأنه نقص مؤقت. ودعت في بلاغ رسمي "الأطباء والصيادلة إلى الاستناد إلى البيانات الوطنية عند وصف الأدوية وترشيد الوصفات، مع توعية المواطنين بأهمية حسن استعمالها".
كما أعلنت الوزارة عن مجموعة من الإجراءات، تم الاتفاق عليها خلال جلسة عمل لوضع خطة وطنية لمواجهة النقص، منها إنشاء منصة إنذار مبكر في الصيدلية المركزية للتبليغ عن أي خطر نفاد الأدوية وإطلاق حملة وطنية للتوعية بضرورة استعمال الأدوية الجنيسة لتخفيف الضغط على الأدوية الأساسية.
وأكدت الوزارة أن هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان الاستمرارية في تزويد السوق بالأدوية والتخلص من ظاهرة فقدانها، وضمان حق المواطن في الحصول على احتياجاته الدوائية.
أزمةٌ ليست وليدة الساعة
على الرغم من وصف الوزارة للنقص بـ"الظرفي"، إلا أن تونس تعاني منذ سنوات من مشكل نقص الأدوية، خاصة لأمراض مزمنة وخطيرة.
ويُلقى جزء كبير من المسؤولية على الصندوق الوطني للتأمين الصحّي بسبب تأخره في دفع مستحقات الصيادلة، ما أثر بشكل مباشر على قدرة الصيدلية المركزية على استيراد الأدوية.
وأشارت عضو نقابة الصيادلة، آمنة عباس إلى أن تعديل أسعار عدد من الأدوية المستوردة يهدف إلى تعزيز السيولة المالية للصيدلية المركزية وتأمين استيراد أدوية متجددة، مؤكدة أن ارتفاع كلفة شراء الأدوية من 30 مليون دينار (تعادل تقريبًا تسعة ملايين يورو) في 2021 إلى 300 مليون دينار(تسعين مليون يورو) في 2024 دفع إلى اتخاذ إجراءات لترشيد النفقات وتحسين التصرف المالي.
البحث عن بدائل في ظل أزمة متفاقمة
في ظل استمرار الأزمة، اضطر العديد من التونسيين إلى البحث عن طرق بديلة لتأمين الأدوية، فبعضهم لجأ إلى أقاربهم في الخارج لإرسال الأدوية عبر وسيط، فيما تُنشر يوميًا على منصات التواصل الاجتماعي نداءات بحث عن أشخاص مسافرين إلى تونس لنقل الأدوية.
وتأتي مشكلة شح الأدوية كمؤشر جديد على تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، بالإضافة إلى الأزمات السياسية المتتالية التي أثرت على قدرة الدولة على ضمان حقوق المواطنين الأساسية.
Today