السويداء ترفض "خارطة الطريق" السورية.. وناشطون يطلقون حملة توقيعات للمطالبة بحق تقرير المصير

رفضت "اللجنة القانونية العليا في السويداء"، المرتبطة بالزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري، رسمياً البيان الصادر عن وزارة الخارجية السورية بشأن ما أُطلق عليه "خريطة الطريق لحل أزمة السويداء"، معتبرة إياه "يتضمن تناقضات صارخة وتنصلاً من المسؤولية"، ووصفت ما جرى في محافظة السويداء خلال يوليو/تموز الماضي بأنه "جرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان".
وجاء الرد في بيان شديد اللهجة أصدرته اللجنة، رداً مباشراً على المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده أمس وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني، عقب اجتماعه مع نظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأمريكي في سوريا توماس باراك، حيث أعلن الشيباني عن "خارطة طريق واضحة" لحل الأزمة في السويداء، بدعم أمريكي وأردني، تقوم على "خطوات عملية".
اتهامات مباشرة للحكومة السورية
في بيانها، أكدت اللجنة القانونية العليا رفضها القاطع للنهج المعلن في بيان الخارجية السورية، ودعت المجتمع الدولي – بما فيه الأمم المتحدة ومجلس الأمن – إلى "ضمان تحقيق مستقل وآليات محاسبة دولية"، مشددة على أن ما ورد في البيان الرسمي لا يعكس بأي شكل "مسؤولية الحكومة عن الانتهاكات السابقة".
وذهبت اللجنة إلى أبعد من ذلك، متهمة الحكومة السورية بأنها "تحاول تصوير نفسها كطرف محايد"، في حين كانت – بحسب البيان – "طرفاً مباشراً في الانتهاكات التي طالت آلاف المدنيين خلال أحداث يوليو/تموز 2025"، والتي شملت قتلى ومفقودين ومختطفين. كما وصفت القضاء الوطني السوري بأنه "مسيّس وغير قادر على ضمان محاكمات عادلة"، واعتبرت أن الاعتماد عليه "واجهة شكلية لتبييض الجرائم".
تحذير من "التفتيت الداخلي"
تطرقت اللجنة في بيانها إلى ما وصفته بـ"محاولات التفتيت الداخلي"، مشيرة إلى الحديث عن "تشكيل مجالس محلية وقوات شرطية مشتركة"، واعتبرته محاولة لـ"فرض وصاية جديدة وزرع الفتنة بين أبناء السويداء".
وأكدت اللجنة على "حق أهالي السويداء في تقرير مصيرهم بحرية واستقلال"، سواء عبر "الإدارة الذاتية أو الانفصال"، كخيار وحيد – بحسب البيان – "لحماية أمنهم وكرامتهم".
وطالبت اللجنة المجتمع الدولي بعدم "الاعتراف بأي ترتيبات تُفرض قسراً على الأهالي"، ودعت إلى "دعم حق أبناء السويداء في تقرير مصيرهم" عبر آليات دولية واضحة.
حملة توقيعات شعبية غير مسبوقة
وفي سياق موازٍ، أطلق ناشطون محليون في السويداء، يوم الاثنين، حملة توقيعات واسعة – إلكترونية وميدانية – تحت شعار "حقنا في تقرير المصير".
وبحسب منصة "السويداء 24"، جمعت العريضة الإلكترونية الموجهة إلى الأمم المتحدة وحكومات العالم "أكثر من عشرة آلاف توقيع خلال أول 24 ساعة فقط"، في مؤشر – بحسب المنظمين – على "حجم التفاعل الشعبي غير المسبوق".
وأوضح القائمون للمنصة، على الحملة أن "الحقل الإلزامي الوحيد في العريضة هو الاسم"، وأن "جميع البيانات ستبقى سرية"، فيما تُستخدم المعلومات الإضافية (كالعمر والتحصيل العلمي وبلد الإقامة) – إذا اختار المشاركون إدخالها – "لتسهيل التواصل خلال المراحل المقبلة من الحملة".
300 مركز توقيع وألفا متطوع
وانطلقت، صباح الثلاثاء، المرحلة الميدانية من الحملة بافتتاح أول مركز لجمع التواقيع في مدينة صلخد جنوب المحافظة، على أن تتوسع خلال الأيام المقبلة لتشمل مدينتي شهبا والسويداء، إضافة إلى بلدات وقرى الجبل وفقاً لمنصة السويداء 24.
وبحسب المنظمين، يشارك في إدارة هذه المراكز – التي سيصل عددها إلى 300 مركز – "أكثر من ألفي متطوع من الحقوقيين والناشطين المحليين".
وتستند العريضة – بحسب نصها – إلى "نصوص القانون الدولي، خصوصاً العهدين الدوليين لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة"، وتطرح قضية "حق أبناء السويداء في الاستقلال التام كحل وحيد يضمن استقرار المنطقة وحقهم في العيش بكرامة".
مطالب دولية عاجلة
إلى جانب المطالبة بالاستقلال، دعت العريضة إلى "تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق"، وإعلان السويداء "منطقة منكوبة"، وإنشاء "محكمة جنائية خاصة لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين".
كما طالبت العريضة مجلس الأمن الدولي بـ"التحرك الفوري للاضطلاع بمسؤولياته"، وإصدار "قرارات ملزمة تحت البند السابع"، تتضمن "وجوب انسحاب الميليشيات التابعة للسلطات السورية الانتقالية من القرى والبلدات التي احتلتها"، و"فتح معابر رسمية وإنسانية لاستئناف حركة التجارة"، و"تمكين أبناء السويداء من شراء ما يحتاجونه من مستلزمات".
وتجدر الإشارة إلى أن محافظة السويداء تعيش حالة هدنة منذ التاسع عشر من تموز/ يوليو الماضي، تلت أسبوعاً من الاشتباكات المسلحة بين مجموعات درزية وقبائل بدوية.
Today