يُرجح أنها أجريت سرًا.. صور أقمار صناعية تكشف مؤشرات على تجربة صاروخية غير معلنة في إيران

أظهرت صور أقمار صناعية حللتها وكالة أسوشيتد برس يوم الخميس أن إيران قد تكون أجرت اختبارًا صاروخيًا لم تُعلنه في منشأة الإمام الخميني الفضائية، في خطوة تؤكد سعي طهران لمواصلة برنامجها الصاروخي رغم الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل في يونيو الماضي.
ورغم عدم اعتراف إيران رسميًا بالاختبار الذي جرى على منصة دائرية استضافت إطلاقات سابقة ضمن برنامج الفضاء المدني الإيراني، زعم عضو في البرلمان الإيراني، دون تقديم أدلة، أن الاختبار شمل صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات.
ويثير الاختبار مخاوف من أن إيران تحاول توسيع مدى صواريخها في ظل تصاعد التوترات قبيل فرض عقوبات الأمم المتحدة المتوقع إعادة تطبيقها قريبًا على برنامج طهران النووي، بينما تعمل إيران أيضًا على إصلاح مواقع الصواريخ التي ضربتها إسرائيل في الحرب الأخيرة.
وفي هذا السياق قال المحلل بهنام بن طالبلو من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن لـ "أسوشيتد برس": "نجاحات إسرائيل في الحرب التي استمرت 12 يومًا ضد هجمات إيران الصاروخية عززت لدى طهران أهمية تطوير صواريخ باليستية أكثر وعدد أكبر من النسخ النوعية المحسنة منها".
وأضاف: "يمكن اعتبار هذا جزءًا من جهود طهران لإعادة البناء بشكل أفضل وبأسرع وقت ممكن".
علامات الحروق على منصة الإطلاق
في 18 سبتمبر، نشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية صورًا للسماء فوق محافظة سمنان، تظهر ما بدا أنه أثر صاروخ عند الغروب. ولم تعلق السلطات الإيرانية على سبب هذا الأثر، كما لم تغط وسائل الإعلام الرسمية الحادثة.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية السابقة لشركة Planet Labs PBC أن المنصة الدائرية كانت مطلية باللون الأزرق ومحاطة بخطوط حمراء وبيضاء وخضراء، ألوان العلم الإيراني.
لكن صور الأقمار الصناعية بعد 18 سبتمبر أظهرت تغير لون المنصة، وأكدت صورة أكثر تفصيلًا التقطتها Planet بناءً على طلب أسوشيتد برس وجود علامات حروق كبيرة تشبه تلك التي تظهر بعد الإطلاقات السابقة، حيث تتدفق ألسنة اللهب من محركات الصواريخ على المنصة.
وقال فابيان هينز، زميل بحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومتخصص في الصواريخ: "حجم الحروق يشير إلى إطلاق صاروخ بالوقود الصلب، إذ تتسبب جزيئات أكسيد الألومنيوم المحترقة بهذه العلامات".
وأضاف أن اتجاه العلامات شمال-جنوب يشير إلى استخدام صمام توجيه اللهب لتوجيه اللهب بعيدًا عن المنصة.
ادعاءات البرلمان الإيراني
زعم محسن زنغنه، عضو البرلمان الإيراني، في تصريح للتلفزيون الرسمي، أن الجمهورية الإسلامية أطلقت صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات يوم الخميس، معتبرًا ذلك دليلًا على قوة إيران في مواجهة التحديات من إسرائيل والغرب.
وقال: "لم نتخلَ عن تخصيب اليورانيوم، ولم نسلم أي يورانيوم للعدو، ولم نتراجع عن مواقعنا الصاروخية. اختبرنا ليلة أمس أحد أكثر صواريخ البلاد تقدمًا، وكان الاختبار ناجحًا”. وأضاف: “حتى في هذه الظروف، نجري اختبارًا أمنيًا لصاروخ عابر للقارات".
ولم يوضح زنغنه مصدر معلوماته، ولم يقدم أي دليل لدعم ادعائه، مع العلم أن بعض أعضاء البرلمان الإيراني سبق وأن قدموا ادعاءات مبالغ فيها.
نطاق الصواريخ العابر للقارات والغموض حول الإطلاق
عادةً ما تتجاوز مدى الصواريخ العابر للقارات 5,500 كيلومتر، وهو ما يتجاوز بكثير المدى المسموح به من قبل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والبالغ 2,000 كيلومتر. وتشمل هذه المسافة معظم الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية، بينما يتيح صاروخ عابر للقارات الوصول إلى أوروبا على الأقل.
ورغم ادعاءات البرلمان، لا تزال هناك أسئلة حول طبيعة الإطلاق وما الذي أرسلته إيران في السماء بالضبط. وكانت المنصة قد استخدمت سابقًا لإطلاق صواريخ صلبة الوقود تسمى ذوالجناح، القادرة على وضع أقمار صناعية في المدار. وقد أثار استخدام الوقود الصلب هذه الصواريخ مخاوف من إمكانية تحويلها لصواريخ باليستية عابرة للقارات تهدد أهدافًا خارج الشرق الأوسط.
وقال بن طالبلو: "إذا كان الاختبار لصاروخ إطلاق فضائي كما يُزعم، فهذا يعكس رغبة طهران في تهديد أهداف في أوروبا وحتى الولايات المتحدة".
وتؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي، وتقدر الاستخبارات الأمريكية أن طهران لا تسعى بنشاط لصنع قنبلة ذرية، رغم تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية، لكنها تحتاج أيضًا لتصغير أي قنبلة نووية محتملة لتوضع على صاروخ باليستي.
ومع عدم اعتراف إيران الرسمي بالإطلاق وعدم وضوح أثر الصاروخ في السماء، تبقى إمكانية فشل الإطلاق واردة، كما لم تؤكد أي جهة أمريكية إطلاق أي أقمار صناعية جديدة في 18 سبتمبر.
وقال هينز: "المشكلة في إيران أن الكثير يحدث، ومن الصعب التفريق بين المصادفة والنمط الواضح".
Today