جثتا يحيى ومحمد السنوار على طاولة شرم الشيخ.. شرارة جديدة في طريق صفقة غزة؟

من المنتظر أن تكشف المفاوضات الجارية هذا الأسبوع ما إذا كان تفاؤل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإمكان التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة سيصمد أمام الحقائق المعقدة التي أفشلت محاولات سابقة.
فقد باشر المفاوضون بمحادثات حول المرحلة الأولى من خطة ترامب المؤلفة من 20 بندًا لإنهاء الحرب، والمتمثلة في صفقة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين لدى حركة حماس مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن ترامب أبلغ الوسطاء بأنه لا يريد أن تطول المفاوضات، بينما لا تزال هناك عقبات رئيسية تحول دون التوصل إلى اتفاق.
الانسحاب الإسرائيلي المرحلي من غزة
تحتجز حركة حماس، نحو 20 رهينة على قيد الحياة وجثامين نحو 28 آخرين. وبموجب الاتفاق المقترح، ستتخلى الحركة عن ورقتها الأهم، لذا يُتوقع أن تسعى بقوة لتحقيق مطالبها.
وتشمل أولويات حماس تحديد جدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي التدريجي من القطاع، وتحديد النقاط التي ستتراجع إليها القوات الإسرائيلية.
وفي حين ينتقد بعض قادة الحركة الخطة الأميركية باعتبارها "هدنة لمدة 72 ساعة"، لعدم ضمانها منع إسرائيل من استئناف القتال بعد تسلّم الرهائن، فإن خطة ترامب تتضمن خريطة لخطوط الانسحاب لكنها لا تحدد مواقع أو إحداثيات دقيقة.
وطالبت حماس بضمان حرية الحركة داخل القطاع لجمع الرهائن واستعادة الجثامين، في حين تتحفظ إسرائيل على أي تخفيف مبكر للضغط العسكري.
كما أن الخطة الأميركية لا تتيح في مرحلتها الأولى وصول الفلسطينيين إلى الحدود المصرية، الأمر الذي يبقي الحصار المفروض على غزة، ويثير قلق القاهرة من احتمال بقاء قوات إسرائيلية بالقرب من الحدود.
تبادل الرهائن والأسرى
تنص خطة ترامب على إطلاق سراح 250 أسيرًا فلسطينيًا محكومين بالمؤبد في إسرائيل. وتسعى حماس إلى تضمين أسماء قيادات بارزة في الصفقة لإظهار أنها حققت مكسبًا سياسيًا من الحرب.
وطالبت الحركة بالإفراج عن مجموعة من القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية البارزة، من بينهم مروان البرغوثي المسجون منذ مطلع الألفية الثانية.
كما نقل وسطاء عرب أن حماس تطالب أيضًا بتسليم جثامين القياديين السابقين في غزة، الأخوين يحيى ومحمد السنوار، وهما من مؤسسي الجناح العسكري للحركة، وقد قُتلا في غارات إسرائيلية. وتشير الصحيفة إلى أن إسرائيل رفضت في السابق هذا الطلب.
المتشددون على الجانبين
أبدى كلٌّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة حماس مواقف إيجابية حذرة تجاه الصفقة، مع تحفظات كبيرة من كلا الطرفين. إسرائيل وواشنطن تتوقعان أن تؤدي الصفقة إلى استسلام فعلي لحماس، بينما تسعى الحركة إلى الحفاظ على ما تبقى من قدراتها.
لكن المتشددين على الجانبين قد يقوّضون أي اتفاق محتمل. ففي إسرائيل، يحظى مبدأ إطلاق سراح الرهائن بدعم شعبي واسع، غير أن نتنياهو سيواجه معارضة من شركائه في اليمين المتطرف الرافضين للإفراج عن قادة فلسطينيين بارزين أو القبول بإنهاء الحرب.
وفي المقابل، يمكن لفصائل داخل الجناح العسكري لحماس في غزة أن ترفض الصفقة إذا رأت أنها لا تحقق مكاسب كافية، مفضّلة مواصلة حرب استنزاف محدودة ضد القوات الإسرائيلية العاملة داخل القطاع.
وقال دانييل كيرتسر، السفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل ومصر، إن "نتنياهو لا يملك دعم المتشددين في حكومته، وكذلك حماس"، مضيفًا: "السؤال هو ما إذا كان المتطرفون يمتلكون ما يكفي من النفوذ لإفشال الصفقة برمّتها".
أطراف التفاوض
تؤكد تشكيلة الوفود المشاركة حجم الرهانات السياسية والعسكرية في هذه الجولة. فمن الجانب الإسرائيلي، يرأس الوفد رون ديرمر، المقرّب من نتنياهو، في حين أوفد الرئيس ترامب صهره جاريد كوشنر ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف.
أما وفد حماس في مصر، فيرأسه خليل الحية ويضم محمد درويش، وهما من كبار مسؤولي الحركة اللذين نجيا الشهر الماضي من غارة إسرائيلية في قطر، ما أثار توترًا بين حماس وواشنطن.
وبحسب دبلوماسيين مشاركين في المتابعة، فإن الضغوط التي يمارسها ترامب شخصيًا تجعل من هذه الجولة الأكثر احتمالاً للنجاح منذ انهيار آخر هدنة في مارس الماضي.
ونقل التقرير عن السفير كيرتسر قوله: "لا أحد يريد أن يواجه غضب ترامب، وهذا واضح. لذا سيقوم الجميع بالحد الأدنى المطلوب لبدء تنفيذ بنود الخطة العشرين".
Today