تصعيد إسرائيلي في جنوب لبنان: قتيل في كونين وعون يطالب المجتمع الدولي بالتدخل
 
                        أفادت وزارة الصحة اللبنانية، الجمعة، بمقتل شخص وإصابة آخر بجروح جراء غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في بلدة كونين بجنوب لبنان.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن الضربة نُفّذت بواسطة مسيّرة إسرائيلية. وبذلك يرتفع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائيلية في لبنان خلال تشرين الأول/أكتوبر إلى 25 شخصاً على الأقل، بينهم سوري، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات وزارة الصحة.
ومنذ الأسبوع الماضي، كثّفت إسرائيل ضرباتها الجوية على جنوب لبنان. ويأتي ذلك قبيل الذكرى السنوية الأولى لوقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً استمرت سنة بين إسرائيل وحزب الله.
وتقول إسرائيل إن غاراتها تستهدف بنى عسكرية وعناصر من الحزب يُشتبه في تورطهم بنقل وسائل قتالية أو محاولة إعادة بناء قدرات الحزب التي تضررت خلال الحرب الأخيرة. ولا تزال قوات إسرائيلية منتشِرة في خمس نقاط حدودية داخل الأراضي اللبنانية، يطالب لبنان بانسحابها الكامل.
توغل في بليدا ومقتل موظف بلدية
في سياق متصل، توغلت قوة عسكرية إسرائيلية فجر الخميس إلى بلدة بليدا، حيث قتلت موظفاً كان يبيت داخل مبنى البلدية. وأثار الحادث إدانات من مسؤولين لبنانيين وحزب الله وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل).
وردّ الجيش الإسرائيلي بالقول إن المبنى كان يُستخدم "لنشاطات إرهابية"، مؤكداً أن جنوده أطلقوا النار على "مشتبه به" داخله.
وفي اليوم نفسه، دعا الرئيس اللبناني جوزاف عون الجيش إلى "التصدي" لأي توغل إسرائيلي في "الأراضي الجنوبية المحررة"، في إشارة إلى المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية بعد الحرب الأخيرة.
عون يطلب من ألمانيا الضغط على إسرائيل
وطلب الرئيس عون، الجمعة، من وزير خارجية ألمانيا "الضغط على المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية لحمل إسرائيل على الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في تشرين الثاني الماضي". وشدّد على ضرورة "تمكين الجيش اللبناني من الانتشار حتى الحدود الجنوبية الدولية، واستكمال تنفيذ الخطط الموضوعة لبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها".
وقال عون: "لسنا دعاة حروب، لأننا جربناها وتعلمنا منها العبر، لذلك نريد إعادة الاستقرار إلى لبنان بدءاً من جنوبه". وأضاف أن "خيار التفاوض يهدف إلى استرجاع أرضنا المحتلة، وإعادة الأسرى، وتحقيق الانسحاب الكامل من التلال"، لكنه أشار إلى أن "هذا الخيار لم يُقابل من الطرف الآخر إلا بمزيد من الاعتداءات على الجنوب والبقاع وارتفاع منسوب التصعيد".
وأكد أن "عدم تجاوب إسرائيل مع الدعوات المستمرة لوقف اعتداءاتها يثبت أن الخيار العدواني لا يزال الأول لديها"، داعياً المجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياته في دعم موقف لبنان الداعي إلى الأمن والاستقرار".
الجيش اللبناني: انتشار متزايد وتعاون مع اليونيفيل
وأوضح الرئيس عون أن "الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملاً في جنوب الليطاني، إضافة إلى مهامه على مستوى الوطن"، مرحّباً بأي دعم يُوفَّر له لتمكينه من "القيام بدوره الكامل في حفظ السيادة وسلامة الوطن". وكشف أن "عدد العسكريين المنتشرين في الجنوب سيرتفع قبل نهاية السنة إلى عشرة آلاف جندي"، مؤكداً أن "التعاون قائم بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل".
كما جدّد إدانة لبنان للاعتداءات الإسرائيلية، منوّهاً "بموقف الاتحاد الأوروبي الذي دان التعرض لليونيفيل التي تعمل على تطبيق القرارات الدولية وإحلال الأمن والاستقرار في الجنوب".
وشدّد عون على أن "الجيش هو الضمانة الوحيدة لحماية لبنان والدفاع عن سيادته"، معتبراً أن "لا حلول لأمن مستدام من دونه". ولفت إلى أن "لبنان مستعد للمفاوضات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن أي تفاوض لا يكون من جانب واحد، بل يحتاج إلى إرادة متبادلة، وهذا الأمر غير متوافر بعد"، مضيفاً أن "شكل التفاوض وزمانه ومكانه سيُحدَّد لاحقاً".
اتهامات متبادلة حول التزام وقف النار
ويتهم لبنان إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية أميركية-فرنسية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، من خلال استمرار الضربات الجوية والإبقاء على قوات داخل الأراضي اللبنانية. في المقابل، تتهم الدولة العبرية حزب الله بالعمل على ترميم قدراته العسكرية.
وكان الاتفاق قد نصّ على انسحاب حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل) وتفكيك بنيته العسكرية هناك، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية، إضافة إلى انسحاب إسرائيل من المناطق التي تقدّمت إليها خلال الحرب.
الحكومة تتمسك بخطة نزع سلاح الحزب
وأكّد رئيس الحكومة نواف سلام، الجمعة، أن القرار بحصر السلاح قد اتُّخذ، مشيراً إلى أن الجيش قدّم خطةً لتنفيذه، وسيُرفَع تقريرٌ جديد من قائد الجيش خلال أقل من أسبوع، مُشدِّداً على أنه "لا تراجع عن هذا القرار".
وأضاف أن الحكومة تعمل مع أطراف عربية ودولية "لوقف الانتهاكات الإسرائيلية".
من جانبه، أكد وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار أن مشاركة لبنان في "حوار المنامة" الذي تستضيفه مملكة البحرين تمثّل "محطة أساسية لإبراز الحضور اللبناني الفاعل على الساحة الإقليمية"، و"فرصة لتأكيد التزام لبنان بالعمل العربي المشترك وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة، وفي مقدمها البحرين".
وأوضح الحجار، في حديث خاص إلى صحيفة "الأيام" البحرينية عشية زيارته إلى المنامة أن "لبنان يواجه تحديات كبيرة، في مقدمها استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على السيادة اللبنانية، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية"، لافتاً إلى أن "الحكومة تواصل تنفيذ الإصلاحات وترسيخ الاستقرار الداخلي عبر بسط سلطة الدولة وتفعيل مؤسساتها".
وأكد أن "الجيش اللبناني والقوى الأمنية يبذلان جهوداً مضاعفة لتثبيت الأمن وتطبيق قرارات الحكومة بكل جدية"، معتبراً أن "الوحدة الوطنية تبقى الركيزة الأساسية في مشروع بناء الدولة وتعزيز الاستقرار".
Today
