في مستهل زيارته لتركيا.. البابا ليو الرابع عشر يدعو أنقرة لتكون عاملاً للاستقرار في المنطقة
وصل البابا ليو الرابع عشر، الخميس، إلى تركيا في أول جولة خارجية له منذ انتخابه في أيار/مايو الماضي، في زيارة تستمر أربعة أيام وتشمل أيضا محطة ثانية في لبنان.
وحطّت الطائرة البابوية في أنقرة عند الساعة 12:20 بالتوقيت المحلي، حيث استقبله وزير الثقافة التركي محمد نوري إرسوي، قبل أن ينتقل وسط إجراءات أمنية مشددة عبر شوارع العاصمة إلى ضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة.
وتحظى الزيارة باهتمام إعلامي عالمي كونها الأولى للحبر الأعظم منذ توليه منصبه، ويرافقه على متن الطائرة أكثر من 80 صحافيا. ومنذ انتخابه، أظهر البابا الجديد انفتاحا في تعامله مع الإعلام، إذ يعقد لقاءات أسبوعية معهم ويختار لغته الأم، الانجليزية، لإلقاء جميع خطاباته خلال الجولة.
رسائل سياسية في أنقرة
في أول خطاب له من أنقرة، قال البابا: "لتكن تركيا عامل استقرار وتقارب بين الشعوب، في خدمة سلام عادل ودائم"، مشيرا إلى أن موقع تركيا الجغرافي يجعلها جسرا بين الشرق والغرب، وآسيا وأوروبا، ومفترق طرق للثقافات والأديان. كما شدد على أهمية الدور التركي في الجهود الجارية للتوصل إلى اتفاق سلام بين كييف وموسكو، في ظل مشاركتها في المفاوضات مع أوروبا والولايات المتحدة.
من جانبه، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن "تركيا، حيث 99% من المواطنين مسلمون، تشجع احترام جميع الأديان، بما فيها الطوائف المسيحية". وأضاف: "لا نسمح لأحد بأن يكون ضحية التمييز"، لافتا إلى أن "الاختلافات الثقافية والدينية والعرقية ليست سببا للانقسام، بل مصدر ثراء". كما أشاد أردوغان بموقف البابا من القضية الفلسطينية، داعيا إلى تحقيق "العدالة للشعب الفلسطيني وتطبيق حل الدولتين في أقرب وقت ممكن".
ورغم تنامي النزعة القومية الدينية داخل تركيا وتسييس المعالم الرمزية، مثل تحويل آيا صوفيا إلى مسجد عام 2020، يسعى الفاتيكان إلى الحفاظ على الحوار مع أنقرة التي تعد شريكا مهما في ملفات السلام الإقليمي. كما يثمن الكرسي الرسولي الدور التركي في استضافة أكثر من 2.5 مليون لاجئ، معظمهم سوريون، وفق الأرقام الرسمية.
انتقال إلى البعد الروحي
بعد انتهاء برنامجه الرسمي في أنقرة، تتحول الزيارة إلى طابع ديني وروحي في يومها الثاني. إذ يشارك البابا في إحياء الذكرى الـ1700 لأول مجمع مسكوني انعقد في نيقية عام 325 للميلاد، وهو حدث مفصلي في تاريخ الكنيسة المسيحية.
وعلى ضفاف بحيرة إزنيق، يترأس البابا صلاة مسكونية بمشاركة كهنة من الكنائس الأرثوذكسية، وذلك بدعوة من بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس الأول، أبرز ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في مسار الحوار مع الفاتيكان. وقال البابا قبل مغادرته روما: "التقيت البطريرك برثلماوس مرات عدة، وأعتقد أن هذه الزيارة ستكون فرصة استثنائية لتعزيز الوحدة بين جميع المسيحيين.. لطالما انتظرت هذه الرحلة لما تحمله من معان للمسيحيين، وهي ايضا رسالة جميلة للعالم أجمع".
سياق كنسي معقّد
تأتي الزيارة في وقت يشهد فيه العالم الأرثوذكسي انقسامات عميقة، زادتها الحرب في أوكرانيا بين بطريركيتي موسكو والقسطنطينية، فيما تقف تركيا في موقع فريد من خلال دعمها لأوكرانيا مع استمرار علاقاتها مع روسيا.
ويعد ليو الرابع عشر خامس بابا يزور تركيا بعد بولس السادس (1967)، يوحنا بولس الثاني (1979)، بنديكتوس السادس عشر (2006)، وفرانسيس (2014).
لبنان: المحطة الثانية
وبعد ختام زيارته لتركيا، يتوجه البابا من الأحد إلى الثلاثاء إلى لبنان، في زيارة تأتي وسط أزمة اقتصادية وسياسية ممتدة منذ عام 2019، وتوترات أمنية متزايدة وضربات إسرائيلية متكررة.
Yesterday