في يومه الثاني بتركيا.. البابا ليو الرابع عشر يجول على الكنائس في إسطنبول
شهدت إسطنبول، يوم الجمعة، ثاني محطات الزيارة الخارجية الأولى للبابا ليو الرابع عشر، حيث حرص الحبر الأعظم على توجيه رسالة دعم واضحة للأقلية الكاثوليكية الصغيرة في تركيا، قبل مشاركته في صلاة مسكونية مشتركة مع الطائفة الأرثوذكسية بمناسبة مرور 1700 عام على مجمع نيقية، الذي مثّل محطة تأسيسية في تاريخ المسيحية.
ولدى وصوله إلى كاتدرائية الروح القدس في إسطنبول، استقبل المسيحيون البابا بالتراتيل والتصفيق، رغم أن عدد المسيحيين في تركيا لا يتجاوز مئة ألف شخص من أصل 86 مليون نسمة.
وقال أحد أبناء هذه الأقلية، في تصريح لوكالة فرانس برس: "هذه الزيارة نعمة لنا.. العالم بحاجة إلى السلام، ولدى تركيا والمنطقة تحديات كبرى، ونأمل أن يساهم البابا في تخفيف معاناة الناس".
"قوة الكنيسة في صِغَرها"
وفي كلمته التي ألقاها أمام الكهنة والرهبان، شدّد البابا على أن الكنيسة في تركيا، رغم صِغَر عدد أفرادها، تبقى "خصبة"، معتبرًا أن "منطق الصغار" هو مصدر قوة الكنيسة الحقيقي في بلد يشعر فيه المسيحيون بالإقصاء.
كما توقف عند قضية اللاجئين التي تُعدّ من أبرز التحديات في تركيا، حيث يستقبل البلد أكثر من 2.5 مليون لاجئ. وأكد البابا أن هذا الواقع يمثل دعوة للكنيسة إلى خدمة المستضعفين ورعايتهم.
وفي بلدة إزنيق (نيقية القديمة)، شارك البابا في صلاة مسكونية بدعوة من بطريرك القسطنطينية المسكوني بارثلماوس الأول، في إحياء للذكرى الـ1700 لأول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة. ورغم الانشقاق الكبير بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية عام 1054، فإن الحوار المسكوني ما يزال قائمًا، ويتواصل عبر لقاءات مشتركة وسعي حثيث لتوحيد موعد الاحتفال بعيد الفصح.
وفي رسالة رسولية نُشرت الأحد، دعا البابا إلى "السير معًا نحو الوحدة والمصالحة بين جميع المسيحيين، وترك الخلافات التي فقدت مبرّر وجودها".
وتأتي هذه اللقاءات في ظل انقسامات داخلية تعيشها الكنائس الأرثوذكسية، خصوصًا بعد أن قطعت بطريركية موسكو علاقاتها مع بطريركية القسطنطينية عام 2018، إثر اعتراف الأخيرة بكنيسة أرثوذكسية مستقلة في أوكرانيا. وفي هذا السياق، يتجنب البابا اتخاذ أي خطوة قد تُغضب موسكو، التي تتخوف من تعزيز مكانة القسطنطينية في الحوار مع الفاتيكان.
وقد أفادت وسائل إعلام تركية بأن الشرطة أبعدت التركي محمد علي أقجة، الذي حاول اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني عام 1981، بعد أن حاول لقاء البابا الجديد في إزنيق.
البابا يدعو تركيا للعب دور "عامل استقرار"
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد استقبل البابا في أنقرة يوم الخميس، حيث دعا الحبر الأعظم تركيا إلى أداء دور "عامل استقرار" في "مرحلة عالمية تشهد تصارعات حادة".
وبزيارة البابا ليو الرابع عشر، تصبح تركيا البلد الخامس الذي يزوره حبر أعظم بعد الزيارات التاريخية لبولس السادس (1967)، يوحنا بولس الثاني (1979), بنديكتوس السادس عشر (2006) وفرانسيس (2014).
ومن المقرر أن ينتقل البابا، من الأحد إلى الثلاثاء، إلى لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية وسياسية حادة منذ 2019، وتعرّض في الأيام الأخيرة لضربات إسرائيلية متكررة رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حربًا مدمرة قبل نحو عام.
Today