ستارمر يعتزم إلغاء "التذكرة الذهبية" للاجئين وتشديد شروط الاستقرار ولمّ الشمل في بريطانيا

أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن الحاصلين على حق اللجوء في المملكة المتحدة لن يُمنحوا بعد الآن ما وصفه بـ"التذكرة الذهبية" التي كانت تتيح لهم حقوق إعادة التوطين ولمّ الشمل الأسري بشكل تلقائي، في خطوة أثارت قلقاً متزايداً لدى الجمعيات الحقوقية التي اعتبرت تصريحاته مسيئة للاجئين، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأوضح مكتب رئاسة الوزراء أن التغييرات الجديدة ستلغي الحق التلقائي للاجئين في دعوة أزواجهم وأطفالهم للانضمام إليهم في بريطانيا، مؤكداً أن الاستقرار الدائم في البلاد سيُمنح لمن يثبتون أنهم "يساهمون في المجتمع"، لا لمن "يدفعون لمهرّبي البشر لعبور القنال في قوارب"، على حد تعبير ستارمر.
وبموجب القواعد الحالية، يتمتع الحاصلون على حق اللجوء بحق جمع شمل عائلاتهم والإقامة بشكل دائم في بريطانيا، لكن الحكومة ترى أن هذه السياسات خلقت ما تصفه بـ"عوامل جذب" تدفع مزيداً من طالبي اللجوء إلى المخاطرة بالعبور. وقال مصدر حكومي إن الهدف هو "تقليص عوامل الجذب" وإنهاء ما وصفه بـ"التسوّق في اللجوء" بين دول أوروبا.
ضغوط داخلية ومنافسة سياسية
تأتي تصريحات ستارمر بينما يستعد لمناقشة ملف الهجرة غير النظامية مع قادة أوروبيين خلال قمة "المجتمع السياسي الأوروبي" في كوبنهاغن. كما يواجه ضغوطاً متزايدة من داخل حزبه للرد على التهديد الانتخابي المتنامي من حزب نايجل فاراج.
وقال ستارمر: "نُجري تغييرات جذرية في ما يُمنح للاجئين في المملكة المتحدة. الاستقرار يجب أن يُكتسب بالمساهمة في بلدنا، لا بدفع الأموال لمهرّبي البشر. لن تكون هناك تذكرة ذهبية للاستقرار في بريطانيا، على الناس أن يكسبوها". وأكد أن المملكة المتحدة ستواصل استقبال "اللاجئين الحقيقيين" الفارين من الاضطهاد، لكنها ستتصدى في الوقت نفسه لعوامل الخطر التي تدفع إلى العبور غير القانوني.
تعليق مسار لمّ الشمل وتشديد الشروط
كانت الحكومة قد علّقت في سبتمبر/أيلول مسار لمّ الشمل الذي سمح للاجئين المعترف بهم أو الحاصلين على حماية إنسانية بجلب أقاربهم، وقد صدر في السنة المالية المنتهية في يونيو/ حزيران 2025 نحو 4671 تأشيرة لمّ شمل، معظمها للنساء والأطفال.
وتزامنت تصريحات ستارمر مع إعلان وزيرة الداخلية شبانة محمود، الاثنين، عن فرض متطلبات جديدة على الراغبين في الحصول على الإقامة الدائمة (ILR)، تشمل مستوى أعلى في اللغة الإنكليزية، وإثبات المساهمة في المجتمع، واستبعاد كل من لديه سجل جنائي. وأشارت مصادر حكومية إلى أن هذه الشروط قد تُطبَّق أيضًا على من يحصلون على اللجوء.
انتقادات حادة من منظمات اللاجئين
واجهت الخطط انتقادات قوية من منظمات حقوقية. وقال جون فيتونبي، كبير محللي السياسات في مجلس اللاجئين: "الحكومة السابقة حاولت وفشلت في ثني الناس عن القيام برحلات خطرة عبر تقليص حقوق اللاجئين، وهذا النهج لم ينجح سابقًا ولا يوجد ما يدل على نجاحه الآن". وأضاف أن "تقييد لمّ الشمل يدفع الناس إلى طرق أكثر خطورة، وهو مسار استفاد منه النساء والأطفال بشكل أساسي إذ مثّلوا تسعة من كل عشرة تأشيرات في العام الماضي".
أما كولباسيا هاوسو، مدير في مؤسسة "فريدوم فروم تورشر" ولاجئ سابق، فقال: "الرجال والنساء والأطفال الذين يأتون إلى المملكة المتحدة بحثًا عن الأمان يريدون فقط فرصة لإعادة بناء حياتهم. منعنا من الاستقرار أو من لمّ شمل عائلاتنا يبقينا دائمًا في الهامش، بلا إحساس حقيقي بالأمان أو الانتماء". واعتبر أن هذه الإجراءات "مستقاة مباشرة من الدفاتر الشعبوية التي سبق أن دانتها الحكومة نفسها".
مراجعة للقانون الدولي
قال ستارمر، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، إنه سيدرس كيفية تفسير المحاكم البريطانية للقانون الدولي من أجل مواجهة قوارب المهاجرين الصغيرة، التي أطلق عليها اسم "قوارب فاراج"، مشيرًا إلى أن "اللاجئين الفارين فعلًا من الاضطهاد يجب أن يحصلوا على الحماية، لكن العالم يواجه مستويات من الهجرة الجماعية لم يشهدها من قبل".
Today