في ختام جلسة استثنائية.. الحكومة اللبنانية توكِل إلى الجيش مهمة إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة

وأعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد الجلسة أن مجلس الوزراء قرر تحديد مهلة حتى نهاية العام الجاري لتوحيد السلاح بيد الدولة اللبنانية، على أن يُقدّم الجيش اللبناني خطة تنفيذية لتحقيق ذلك.
وأوضح أن النقاش في بند "حصر السلاح" لم يُستكمل، وسيتواصل في الجلسة المقبلة، وربما يمتد إلى جلسات لاحقة إذا اقتضت الحاجة.
وأشار مرقص إلى انسحاب وزراء الثنائي الشيعي اعتراضًا على هذا القرار، مؤكدًا في المقابل أن الحكومة "تقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين"، وتعمل على حماية الأمن والاستقرار، مع الالتزام بالقرار الدولي 1701، والتشديد على حق لبنان في الدفاع عن نفسه في حال التعرض لأي عدوان.
تحذيرٌ من حزب الله
في وقت سابق من اليوم، أدلى الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بتصريحات شديدة اللهجة رفض فيها أي اتفاق جديد خارج إطار التفاهم القائم بين لبنان وإسرائيل، محذرًا من أن "أي جدول زمني لنزع السلاح يُطرح تحت سقف العدوان الإسرائيلي لن يُقبل به".
وأضاف: "إذا قررت إسرائيل خوض الحرب، فإن المقاومة ستدافع، والجيش سيدافع، والشعب سيدافع، وستسقط الصواريخ على الكيان الإسرائيلي، وهذا ليس في مصلحة إسرائيل"، في أبرز تصريح له منذ توليه المنصب عقب مقتل سلفه حسن نصر الله في الحرب الأخيرة.
وشدّد قاسم على أن "المقاومة" جزء من اتفاق الطائف، وبالتالي لا يمكن طرح أمر دستوري للتصويت بل يجب أن يُناقش بالتوافق الوطني، معتبرًا أن أي مسعى لحل مسألة السلاح يجب أن يتم بتوافق داخلي شامل. وقال: "هذا البلد قدّم تضحيات ودماء، وما يتعلّق بلبنان نناقشه في لبنان"، محذرًا من أن تغليب بعض الأطراف لمصالح خاصة تتقاطع مع المصلحة الإسرائيلية يجعلهم مسؤولين عن أي ضرر قد يلحق بلبنان.
وذكّر بأن اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والذي تم بوساطة أمريكية، أظهر تعاونًا وثيقًا بين الدولة اللبنانية و"المقاومة" التي سهّلت تنفيذ بنود الاتفاق، إلا أن إسرائيل "انقلبت عليه ولم تلتزم به"، بحسب تعبيره. واعتبر أن الضغوط الأمريكية الحالية هدفها نزع قدرة لبنان وحزب الله، خدمةً لمصلحة إسرائيل الرامية إلى إضعاف لبنان والتحكم بمساره.
وبُعيد خطابه، خرج عشرات الشبان على دراجات نارية يحملون أعلام حزب الله في استعراض شعبي من الضاحية الجنوبية لبيروت، في رسالة تعبّر عن توتر الشارع الموالي للحزب.
خارطة طريق أمريكية لنزع السلاح
تجري واشنطن وبيروت منذ حزيران/ يونيو مفاوضات حول خارطة طريق أمريكية تقضي بنزع سلاح "حزب الله" بشكل كامل، مقابل وقف الضربات الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية من خمس نقاط حدودية لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، بالإضافة إلى تأمين تمويل لإعادة إعمار المناطق التي دمّرها القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.
لكن مع تعثّر مسار نزع السلاح، بدأ صبر واشنطن ينفد، فمارست ضغوطًا مباشرة على الوزراء اللبنانيين لتقديم تعهد علني سريع، بهدف إبقاء المحادثات قائمة. ويبدو أن الجلسة الحكومية الأخيرة جاءت في هذا الإطار، كمحاولة داخلية لترجمة هذا الضغط إلى خارطة طريق سياسية.
ويتزامن الجدل الداخلي حول مصير سلاح الحزب مع مرحلة حرجة تمر بها البلاد، فوقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر أنهى أشهرًا من القتال العنيف بين حزب الله وإسرائيل، والذي أدى إلى مقتل عدد من قادة الحزب، بينهم أمينه العام السابق، وتدمير أجزاء واسعة من ترسانته العسكرية.
وبين التصعيد الخارجي والضغوط الدولية والتجاذبات الداخلية، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة دقيقة من إعادة تعريف العلاقة بين الدولة وحزب الله، وهي مرحلة قد تعيد رسم توازن القوى داخل البلاد، وعلى حدودها الجنوبية أيضًا.
Yesterday