إدانات أممية وأوروبية لخطة إسرائيل السيطرة على مدينة غزة ودعوات لمراجعة القرار

شهدت الساعات الماضية موجة واسعة من المواقف الدولية الرافضة لخطة الحكومة الإسرائيلية، التي أقرها مجلس الوزراء الأمني فجر الجمعة، والهادفة إلى "السيطرة" على مدينة غزة. وتأتي هذه الخطة في ظل أزمة إنسانية متفاقمة ودمار واسع بعد 22 شهراً من الحرب.
موقف بريطانيا
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وصف الخطة بأنها "خطأ"، داعياً حكومة بنيامين نتنياهو إلى إعادة النظر فيها فوراً. وأكد في بيان الجمعة أن "تصعيد الهجوم على غزة لن يسهم في إنهاء النزاع أو ضمان إطلاق سراح الرهائن، بل سيؤدي إلى مزيد من إراقة الدماء".
وشدد ستارمر على أن الأولوية يجب أن تكون وقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية وتحرير جميع الرهائن، مشيراً إلى أن لندن تعمل مع شركائها على خطة طويلة الأمد لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين. وأضاف أن "الحل الدبلوماسي ممكن، لكن على الطرفين الابتعاد عن مسار التدمير"، مؤكداً أن حماس "لا يمكن أن يكون لها دور" في مستقبل القطاع، وأنه يجب نزع سلاحها.
وكان ستارمر قد أعلن في يوليو/تموز أن المملكة المتحدة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل، ما لم تتخذ إسرائيل خطوات تشمل وقف إطلاق النار في غزة.
"وقف إطلاق النار ضروري"
دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إسرائيل إلى إعادة النظر في خطتها لتوسيع سيطرة جيشها على قطاع غزة.
وقالت على منصة "اكس" إنه "يجب إعادة النظر في قرار الحكومة الإسرائيلية توسيع عمليتها العسكرية في غزة". كما حضت على إطلاق سراح جميع الرهائن، وإتاحة "الوصول الفوري وغير المقيد" للمساعدات الإنسانية إلى غزة. وأضافت "وقف إطلاق النار ضروري الآن".
الموقف الأسترالي
وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وانغ حثّت إسرائيل على عدم المضي قدماً في هذه الخطة، معتبرة أنها ستفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع. وأكدت أن التهجير القسري الدائم يعد انتهاكاً للقانون الدولي، مجددة الدعوة لوقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات دون عوائق، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن المحتجزين منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأضافت أن "حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق سلام دائم، مع تعايش دولتين فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب داخل حدود معترف بها دولياً".
الأمم المتحدة
رئيس مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فولكر تورك دعا بدوره إلى وقف فوري للخطة الإسرائيلية، واعتبرها مخالفة لقرار محكمة العدل الدولية الذي يطالب بإنهاء الاحتلال في أقرب وقت، والالتزام بحل الدولتين وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
امتعاض اسكندنافي من الخطوة الإسرائيلية
ونقلت هيئة البث النرويجية الرسمية عن وزير الخارجية إسبن بارث إيدي انتقاده خطة إسرائيل للسيطرة الكاملة على مدينة غزة.
وصرح إيدي للهيئة قائلاً: "إذا نُفذت هذه الخطط، فإنها تُمثل انتهاكًا غير مقبول تمامًا للقانون الدولي".
وأضاف: "هذا ينتهك جميع القواعد الدولية. إن غياب المستشفيات والخدمات الصحية العاملة يعني خطرًا كبيرًا بوفاة المزيد من المرضى والجرحى".
من جهتها، انتقدت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرغارد القرار الإسرائيلي، وقالت في حديث مصور لهيئة البث السويدية الرسمية: "أتابع بقلق بالغ القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية، نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار، وهذا القرار يُنذر بدفع الأمور في الاتجاه المعاكس".
وأكدت أنه من الصعب حاليًا تقييم عواقب هذا القرار على الوضع في غزة، والسويد كانت واضحة في موقفها، مضيفة: "سبق أن أكدتُ أن جميع محاولات ضم أو تغيير أو تقليص أراضي غزة تُخالف القانون الدولي".
بلجيكا تستدعي السفير الإسرائيلي
أعلن وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، الجمعة، أنه استدعى السفيرة الإسرائيلية لدى بلجيكا، إيديت روزنزويغ-أبو، بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية عن مشروع احتلال مدينة غزة.
وأشار الوزير البلجيكي، في بيان، نشرته وكالة الأنباء البلجيكية، إلى أنه يريد "إظهار رفضنا التام لهذا القرار، وكذلك لاستمرار الاستيطان" الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وقال إن "الأمر الآن يتعلق بالدعوة بقوة إلى التراجع عن هذه الطموحات".
هذه هي المرة الأولى منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 التي تستدعى فيها السفيرة الإسرائيلية. وقد جرت بالفعل تبادلات لوجهات النظر ولقاءات، ولكن لم يسبق أن حدث عمل دبلوماسي بهذا الحجم.
هولندا وإسبانيا تستنكران القرار
وقال وزير الخارجية الهولندي كاسبر فالدكابر، في تصريح عبر مواقع التواصل الإجتماعي، إن "خطة حكومة نتنياهو لتكثيف العمليات الإسرائيلية في غزة خطوة خاطئة"، مشيراً إلى أن "الوضع الإنساني كارثي ويتطلب تحسينًا فوريًا. هذا القرار لا يُسهم بأي شكل من الأشكال في ذلك، ولن يُسهم أيضًا في إعادة الرهائن إلى ديارهم".
وتابع: "لطالما كانت الحكومة الهولندية واضحة: غزة ملكٌ للفلسطينيين. ما نحتاجه الآن هو وقف إطلاق النار، ومزيد من المساعدات الإنسانية، وإطلاق حماس سراح جميع الرهائن، والتوصل إلى حلٍّ تفاوضي".
من جهته، أدان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بوينو بشدة قرار الحكومة الإسرائيلية "بتصعيد احتلالها العسكري لغزة"، الذي قال إنه "لن يؤدي هذا إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة".
وتابع: "إن وقف إطلاق نار دائم، وتدفق فوري وواسع للمساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح جميع الرهائن، كلها أمور ملحة".
الموقف التركي
وزارة الخارجية التركية وصفت الخطة بأنها "ضربة قاسية" للسلام والأمن، وحثت المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته لمنع تنفيذ قرار قالت إنه يهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من أرضهم.
الرئاسة الفلسطينية تخاطب الولايات المتحدة
طالبت الرئاسة الفلسطينية، الجمعة، الإدارة الأمريكية بمنع إسرائيل من احتلال قطاع غزة.
وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، قالت الرئاسة: "قررت دولة فلسطين إجراء الاتصالات العاجلة مع الجهات المعنية في العالم، كما قررت التوجه الفوري إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تحرك عاجل وملزم لوقف هذه الجرائم، كما دعت إلى عقد اجتماعات طارئة لكل من منظمة التعاون الإسلامي ومجلس جامعة الدول العربية، لتنسيق موقف عربي وإسلامي ودولي موحد، يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان، كما ناشدت بشكل خاص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يتدخل لوقف تنفيذ هذه القرارات، وبدلا من ذلك الوفاء بوعده وقف الحرب والذهاب للسلام الدائم".
واعتبر الرئاسة الفلسطينية أن "هذه الخطط الإسرائيلية، القائمة على القتل والتجويع والتهجير القسري، ستقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وتضاف إلى ما تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية من استيطان وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب للمستوطنين واعتداء على المقدسات ودور العبادة المسيحية والإسلامية".
كما أدانت أدانت حركة "فتح"، القرارات التي أقرّها الكابينت الإسرائيلي، والتي "تتضمن خطوات تهدف إلى احتلال قطاع غزة، تحت ذرائع واهية وبأدوات عدوانية مكشوفة"، بحسب البيان.
وأكدت الحركة أن "هذه السياسات التصعيدية الإسرائيلية، وفي مقدمتها الخيار العسكري والأمني، لم تنتج يوما إلا الدمار والمعاناة لشعبنا، وقد فشلت في جلب السلام والاستقرار لإسرائيل نفسها".
السعودية تدين الخطة
ندّدت السعودية بخطة إسرائيل لـ"احتلال غزة وتجويع سكانها".
وجاء في بيان الخارجية السعودية "تندد المملكة بأقوى وأشد العبارات بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية احتلال قطاع غزة، وتدين بشكل قاطع إمعانها في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق".
تفاصيل الخطة الإسرائيلية
وفق بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، تهدف الخطة إلى "السيطرة" على مدينة غزة مع توزيع مساعدات إنسانية خارج مناطق القتال. وأقرت الحكومة خمسة مبادئ أساسية لإنهاء الحرب:
نزع سلاح حماس.
إعادة جميع الأسرى – أحياء وأموات.
نزع سلاح قطاع غزة بالكامل.
فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع.
إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لحماس أو السلطة الفلسطينية.
وكانت إسرائيل قد سيطرت على قطاع غزة عام 1967، وانسحبت منه في 2005، مع تفكيك المستوطنات التي كانت قائمة هناك.
كارثة انسانية
أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن 99 شخصا لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية في قطاع غزة منذ بداية العام بينهم 29 طفلا دون الخامسة.
ورجح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس "أن تكون هذه الأرقام أقل من العدد الفعلي".
وأطبقت إسرائيل في الثاني من آذار/مارس الماضي حصارها المفروض على القطاع، ومنعت دخول أي مساعدات أو سلع تجارية، ما تسبب بأزمة إنسانية.
وفي أواخر أيار/مايو عادت وسمحت بدخول كميات محدودة من الطعام تولت توزيعها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، وترفض وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى التعامل معها.
ثم سمحت قبل أسبوع بدخول شاحنات يقل عددها كثيرا عن الاحتياجات اليومية المقدرة بنحو 600 شاحنة. كما استأنف الأردن تنظيم عمليات إلقاء رزم المساعدات من الجو بمشاركة دول عدة.
Today