لبنان يبدأ استلام الأسلحة من المخيمات الفلسطينية في بيروت وسط ترحيب أمريكي

وقالت اللجنة في بيان نشرته رئاسة مجلس الوزراء: "ستبدأ اليوم المرحلة الأولى من مسار تسليم الأسلحة من داخل المخيمات الفلسطينية، انطلاقًا من مخيم برج البراجنة في بيروت، حيث ستُسلَّم دفعة أولى من السلاح وتُوضَع في عهدة الجيش اللبناني. وستشكّل عملية التسليم هذه الخطوة الأولى، على أن تُستكمل بتسلّم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة في مخيم برج البراجنة وباقي المخيمات".
وتابعت أن "عملية التسليم هذه تاتي تنفيذًا لمقررات القمة اللبنانية - الفلسطينية بتاريخ 21 مايو/ أيار 2025 بين الرئيسين جوزيف عون ومحمود عباس، التي أكدت سيادة لبنان على كامل أراضيه، وبسط سلطة الدولة وتطبيق مبدأ حصرية السلاح".
ولفتت إلى أنها تأتي أيضاً "تنفيذًا لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني بتاريخ 23 مايو/ أيار 2025 برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، وبمشاركة ممثلين عن السلطات اللبنانية والفلسطينية، حيث جرى الاتفاق على وضع آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني".
ونقلت عدة وسائل إعلام محلية وعربية من بينها "العربي الجديد" القطرية ومقرها لندن عن مصدر عسكري لبناني قوله إن "الوضع في مخيم برج البراجنة هادئ وتسليم الأسلحة يجري بتنسيق مع اللجنة الفلسطينية".
ترحيب أمريكي
من جهته، رحّب المبعوث الأميركي توم باراك باتفاق حركة فتح الفلسطينية والسلطات اللبنانية على تسليم السلاح، وكتب في منشور على منصة "إكس": "نهنئ الحكومة اللبنانية وحركة فتح على اتفاقهما حول نزع السلاح طوعا من مخيمات بيروت"، واصفًا ما حصل بأنه "إنجاز عظيم جاء نتيجة الخطوة الجريئة التي اتخذها مؤخرا مجلس الوزراء اللبناني" وأضاف بأنها "خطوة تاريخية نحو الوحدة والاستقرار".
تأخير الموعد
في مايو/ أيار الماضي، أعلن الرئيس اللبناني تشكيل لجان مشتركة لمعالجة مسألة وجود السلاح الفلسطيني في مخيمات اللاجئين التي تستضيفها بلاده، مبينا أنها ستبدأ عملها في يونيو/ حزيران الجاري.
كانت وسائل إعلام عديدة قد ذكرت أن الموعد الأولي الذي كان محدداً لتسليم سلاح المخيمات هو 15 يونيو/ حزيران لكن السلطات اللبنانية لم تعلن ذلك رسمياً وتأجل الموعد من دون توضيحات.
حينها، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" تصريحا لرئيس اللجنة العليا لمتابعة الشأن الفلسطيني بالساحة اللبنانية، لم تسمه، قال فيه إنه نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، فقد تقرر تأجيل موعد جمع السلاح داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، دون تحديد موعد آخر.
في مايو/ أيار الماضي، عقد الاجتماع الأوّل للجنة المشتركة لمتابعة أوضاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وحضره رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الذي رحب بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتسوية مسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات.
وأشار إلى الأثر الإيجابي لهذا القرار في تعزيز العلاقات اللبنانية–الفلسطينية وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية- الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين.
وأعطى توجيهاته بضرورة الإسراع بالخطوات العملية عبر وضع آلية تنفيذية واضحة ووفق جدول زمني محدد.
مخيمات لبنان
وفي لبنان مخيمات عدّة يصل عدد المعترف بها إلى 12 بحسب وكالة الأمم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". وتوجد عدة مخيمات صغيرة غير معترف بها.
يعدّ مخيم عين الحلوة، قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان، أكبر المخيمات للاجئين الفلسطينيين، ويؤوي أشخاصا مطلوبين من السلطات اللبنانية.
ويشهد المخيم بين الفترة وأخرى اشتباكات بين فصائل فلسطينية عدّة خصوصاً بين فتح وتنظيمات إسلامية متشددة. لكن الاشتباكات متوقفة من دون خرق منذ صيف عام 2023.
لا يدخل الجيش ولا القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات، لكن يفرض الجيش إجراءات مشددة حولها.
ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نحو نصف مليون شخص، يعيش نصفهم تقريباً في ظروف صعبة داخل مخيمات تديرها أمنيًا الفصائل الفلسطينية، بينما يعيش البقية خارج المخيمات.
لا يملك الفلسطيني في لبنان حقّ التملّك ويحرم من عدد من المهن، بينما يعامل كاللبناني في خدمات قليلة مثل رسوم الجامعة وأمور مدنية أخرى.
بعد الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت عام 1990، انخفض التوتر في العلاقة بين الدولة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية والفصائل، لكن عام 2007 شهد أعنف المعارك بين الجيش اللبناني وفصائل فلسطينية متشددة.
إذ اندلعت في مخيم نهر البارد شمالي لبنان مواجهات بين الجيش وتنظيم "فتح الإسلام" أدت إلى اشتباكات دامت أشهراً عدة قبل أن يسيطر الجيش على المخيم رغم سقوط ما يزيد عن 160 قتيلاً في صفوفه، كما أدت إلى نزوح سكان المخيم لسنوات، حيث يضمّ المخيم نحو 30 ألف نسمة.
اتفاق القاهرة
يعود تنظيم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان إلى اتفاق القاهرة وتلاه مشاركة حركة فتح في الحرب الأهلية اللبنانية منذ عام 1975 حتى طرد قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982.
تم توقيع اتفاق القاهرة في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 1969 في القاهرة لغرض تنظيم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، قام الرئيس اللبناني آنذاك شارل حلو بإرسال وفد لبناني برئاسة قائد الجيش إميل البستاني إلى القاهرة للتحادث والتفاوض مع ياسر عرفات وتحت إشراف وزير الدفاع المصري محمد فوزي، ووزير الخارجية المصري محمود رياض.
أعطى اتفاق القاهرة الشرعية لوجود وعمل الفصائل الفلسطينية في لبنان. حيث تم الاعتراف بالوجود السياسي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل لبنان، وتم التأكيد على حرية العمل الفدائي انطلاقاً من أراضي لبنان.
في يونيو/ حزيران 1987، وقع الرّئيس اللبناني أمين الجميّل على قانون يلغي اتفاق القاهرة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
قبل أيام، أعلن أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون، في مقابلة تلفزيونية، رفضه القاطع لمسألة توطين الفلسطينيين في لبنان، موضحاً أن قرار نزع السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين هو قرار صادر من السلطة الفلسطينية.
Today