"عُد إلى بلادك".. عاصفة الغضب تتّسع في لبنان بعد تصريحات باراك وتدفعه لاختصار جولته في الجنوب

خلال استعداده لبدء مؤتمره الصحفي، قال باراك: "سنضع مجموعة مختلفة من القواعد هنا، أليس كذلك؟ أريدكم أن تصمتوا للحظة. في اللحظة التي يبدأ فيها الأمر بالفوضى أو بالسلوك الحيواني، سننهي كل شيء".
وتابع:"هل تريدون أن تعرفوا ما الذي يحدث؟ تصرفوا بتحضر، بلطف وتسامح. لأن هذه هي المشكلة الحقيقية فيما يحدث في المنطقة".
المؤتمر الصحفي لباراك جاء بعد مؤتمر صحفي للسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والديمقراطية جين شاهين الذين التقيا عون أيضاً.
استنكار للتصريحات
معظم ردات الفعل جاءت نقابية وعبر مواقع التواصل الإجتماعي حيث تصدّر كلام باراك اهتمامات اللبنانيين.
أولى ردات الفعل كانت عبر نقابة محرري الصحافة اللبنانية بياناً استنكرت فيه تصريحات المبعوث الأمريكي واعتبرت الأمر غير مقبول ومستفز، مطالبة باعتذار علني، ومحذرة من احتمال الدعوة إلى مقاطعة زيارات واجتماعات الموفد الأمريكي ما لم يُصحَّح الموقف.
أما اتحاد الصحفيين والصحافيات في لبنان فطالب بتقديم اعتذار رسمي وعلني عمّا بدر من باراك تجاه الصحافيين، مطالباً السفارة الأمريكية في بيروت بموقف تجاه هذه التصرّفات غير المقبولة، داعياً وسائل الإعلام اللبنانية والعربية إلى مقاطعة أنشطته ومؤتمراته الصحافية إلى حين اعتذاره.
من جانبها، اعتبرت نقابة المصورين أن "إهانة الصحافيين سابقة خطيرة والمطلوب اعتذار رسمي وإجراءات واضحة".
توضيح رسمي
التعليقات الرسمية جاءت أقل حدة عبر رئاسة الجمهورية ووزارة الإعلام، إذ أصدرا بيانين دون أن يسميا باراك.
أعربت رئاسة الجمهورية اللبنانية، في بيان، عن أسفها "للكلام الّذي صدر عفوًا عن منبرها من قبل أحد ضيوفها اليوم".
وإذ شدّدت على "احترامها المطلق لكرامة الشّخص الإنساني بشكل عام"، جدّدت تقديرها الكامل "لجميع الصّحفيّين والمندوبين الإعلاميّين المعتمَدين لديها بشكل خاص"، موجّهةً إليهم "كلّ التحيّة على جهودهم وتعبهم لأداء واجبهم المهني والوطني".
وأشار مكتب وزير الإعلام بول مرقص إلى أن "مكتب مرقص، الموجود خارج لبنان، يأسف لما بلغه من تصريح صدر عن أحد الموفدين الأجانب تجاه مندوبي وسائل الإعلام في القصر الجمهوري".
وأضاف: "يؤكّد، استنادًا إلى الاتصالات التي أجراها مع الدوائر المعنية في رئاسة الجمهورية، أن الإعلام اللبناني والزميلات والزملاء الإعلاميين يقومون برسالة نبيلة في نقل الخبر والحقيقة، رغم كل الصعوبات والتحديات، ضمن إطار من المهنية والالتزام. ويشدّد على أنّه يحرص على كرامة كل فرد منهم ومكانتهم على نحو مطلق ويعتزّ بهم".
انقسام حول كلام باراك
كعادته عند كل خلاف، انقسم الرأي العام اللبناني حول كلام باراك، بين نقد قاسٍ ومبرر لكلامه، رغم أن بعض خصوم حزب الله هاجموا باراك على تصريحاته.
الوزيرة السابقة عن حزب القوات اللبنانية مي شدياق قالت إنه لا يوجد أي تبرير لوصف باراك، مشيرة إلى أن الصحافة في لبنان حرة.
أما النائبة والإعلامية بولا يعقوبيان فقالت إن ما صدر عن باراك "يكشف مدى انهيار صورة الديبلوماسية الغربيّة وانحطاطها في أبسط قواعد الاحترام والتخاطب الدبلوماسي".
من جهتها، تصدرت صحيفة الأخبار اللبنانية صفحتها الأولى الأربعاء بشعار "اليانكي البشع" صورة باراك، وظهر في أحد المقالات علم أمريكي عليه جماجم مكان النجوم البيضاء.
ووصفت الصحيفة المقربة من حزب الله تصريحات باراك بأنها "وقاحة متعجرفة لرعاة البقر". وزعمت أن خطابه "من مفردات الاستعمار القديمة"، كما اتهمته بـ"العنصرية".
في المقابل، وجد البعض تبريرات لباراك كالصحفية مرح البقاعي التي تعمل في واشنطن وكتبت: "من الضروري لفت النظر أن الذهنية الأمريكية وثقافتها المحكية التي تُنتج المقولات والتشبيهات اللفظية ومعانيها ومآلاتها، تختلف عن مفاهيم اللغة العربية وثًوابتها اللغوية والثقافية والمجتمعية أيضاً".
احتجاجات ضد باراك
كان المقرر أن يجري باراك جولة في جنوب لبنان اليوم الأربعاء تشمل مناطق الخيام ومرجعيون ومدينة صور، وتتضمن غداء في المدينة الساحلية وجولة في شوارعها. لكن الزيارة عدلت واقتصرت على زيارة مرجعيون.
خرجت دعوات عبر مواقع التواصل للاحتجاج ضد الزيارة، وقد نظمت وقفة صباح الأربعاء في بلدة الخيام التي كان من المقرر أن يزورها حمل فيها المتظاهرون أعلام حزب الله وصور مقاتليه من أبناء البلدة. وفي بلدة الخيام، لا يزال موقع إسرائيلي يسيطر على تخوم المدينة.
ليست المرة الأولى
في يوليو/ تموز الماضي، أثار باراك الجدل بشأن انضمامه إلى بلاد الشام، عندما حذر من سيطرة قوى إقليمية على لبنان في حال لم تنجح حكومته في التغلب على إشكالية سلاح حزب الله.
وقال باراك، في تصريح لصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، إنّ لبنان بحاجة إلى حلّ هذه المشكلة، وإلاّ فقد يواجه تهديدًا وجوديًا.
وجاء في هذه التصريحات: "إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تتجلّى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد".
وفي محاولة لاحتواء الجدل، غرد براك عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً) موضحاً أن تصريحاته "أشادت بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا نحو الإصلاح، ولم تكن تهديدا للبنان"، مع التأكيد على دعم واشنطن لعلاقة متساوية بين لبنان وسوريا.
Today