بعد أكثر من عقدين على الغزو.. مجلس الشيوخ الأمريكي يصوت بالإجماع لإلغاء تفويض حرب العراق

جاء القرار ضمن مشروع قانون التفويض السنوي للدفاع، بعد أن أقرّ مجلس النواب تعديلًا مماثلًا الشهر الماضي. وقد قُدّم التعديل من السيناتور الديمقراطي تيم كاين والجمهوري تود يونغ، اللذين حصلا على دعم مشترك من الحزبين.
وتمّت المصادقة على القرار عبر تصويتٍ شفهي، من دون اعتراض أو نقاش، في مشهدٍ وصفه كاين بأنه نهاية رمزية لحرب بدأت بضجيج وانتهت بـ"أنينٍ خافت".
الحرب التي شنّتها إدارة الرئيس آنذاك جورج بوش عام 2003، بزعم امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، خلّفت مئات آلاف القتلى العراقيين، ونحو خمسة آلاف قتيل أمريكي. ويقول كاين إنّ الولايات المتحدة والشرق الأوسط تغيّرا إلى الأبد بسبب تلك الحرب، التي مثّلت نقطة تحوّل في السياسة الخارجية الأمريكية.
استعادة صلاحيات الحرب والسلم
يرى مؤيدو خطوة الإلغاء أنّها ضرورية للحؤول دون أي استخدام غير مبرر لتفويضات الحرب، خصوصًا بعدما استُخدم تفويض عام 2002 لتبرير الضربة الأمريكية التي قتلت الجنرال الإيراني قاسم سليماني في عام 2020. ويشير النواب إلى أنّ العراق بات اليوم شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة.
كما يتضمّن مشروع القانون أيضًا إلغاء تفويض حرب الخليج لعام 1991، ما يعزز توجه الكونغرس نحو استعادة صلاحياته الدستورية في قرارات السلم والحرب، بعدما ظلّت هذه السلطة لعقود بيد السلطة التنفيذية.
ماذا عن موقف ترامب؟
رغم التوافق الواسع داخل الكونغرس، يبقى السؤال حول ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب سيدعم القانون، فخلال ولايته الأولى، اعتمدت إدارته جزئيًا على تفويض 2002 لتبرير عمليات عسكرية محدودة.
ومع ذلك، يرى السيناتور يونغ أنّ ترامب "يجب أن يفتخر بتوقيع هذا القانون"، إذ وعد خلال حملته بإنهاء ما يُعرف بـ"الحروب الأبدية". وأضاف أنّ هذا التصويت "يؤسس لسابقة مهمة تؤكد أنّ من واجب الكونغرس ليس فقط تفويض الحروب، بل أيضًا إنهاؤها".
خطوة رمزية وسط انقسام سياسي
جاء التصويت المشترك في وقتٍ يشهد فيه الكونغرس انقسامات حادة بسبب أزمة إغلاق حكومي استمرت أسبوعًا. ومع ذلك، وصف يونغ التصويت بأنه "لحظة استثنائية"، تعكس قدرة المؤسسة التشريعية الأمريكية على إنجاز خطوات جوهرية رغم الخلافات.
وكان مجلس الشيوخ قد حاول إلغاء التفويض قبل عامين، حين صوّت لصالح المشروع بأغلبية 66 صوتًا مقابل 30، لكنّ معارضة بعض الجمهوريين عطّلت إقرارها النهائي. هذه المرة، لم يُسجَّل أي اعتراض على التصويت بالإجماع، ما يعكس تحوّلًا واضحًا في المزاج السياسي.
في المقابل، سيبقى تفويض عام 2001 المتعلق بـ"الحرب العالمية على الإرهاب" ساري المفعول، إذ يمنح الرئيس سلطة واسعة لاستخدام القوة ضدّ من يشتبه بتورطهم في هجمات 11 أيلول/سبتمبر. وقد استُخدم هذا التفويض لاحقًا لتبرير عمليات ضد تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وحركة الشباب في إفريقيا.
Today