لاريجاني من بيروت: لا ننظر لأصدقائنا كأداة.. وعون يرى أن لغة الإيرانيين لا تساعد

في أول تصريح له لدى وصوله إلى بيروت في زيارةٍ رسمية، قال لاريجاني إن "إيران ستقف دائمًا إلى جانب الشعب اللبناني، مضيفاً: "لقد عززت الروابط الثقافية بين إيران و لبنان والترابط العاطفي بين شعبي البلدين، إذا كان الشعب اللبناني يعاني، فإن الشعب الإيراني يشعر بهذا الألم أيضًا".
كذلك، لفت لاريجاني إلى سعي بلاده الدائم "لتحقيق مصالح لبنان العليا" وفق تعبيره، مشيراً إلى أنه "لا يسعني كذلك إلا أن اتقدم بجزيل الشكر بسبب حضور كافة ممثلي البرلمان اللبناني وكذلك الأعضاء في فصائل المقاومة وإن شاء الله سألتقي بكم مجدداً وأتحدث اليكم عن مجريات الأمور".
وعن الاستقبال الشعبي الذي أقيم له أمام المطار، نشر لاريجاني مقطع فيديو على حسابه على "إكس" (تويتر سابقاً) كتب فيه: "لبيك يا نصرالله"، في إشارة إلى الهتافات المؤيدة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله والتي أطلقها المحتشدون في استقباله عند المطار.
عون ينتقد المسؤولين الإيرانيين
أبلغ الرئيس اللبناني جوزيف عون لاريجاني أن لبنان يرفض أي تدخل في شؤونه الداخلية من أي طرف.
وأضاف، بحسب بيان الرئاسة اللبنانية: "نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة ونريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز".
وأوضح عون أنه "من غير المسموح لأي جهة كانت ومن دون أي استثناء حمل السلاح والاستقواء بالخارج"، معتبرا أنّ "الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء"، وأن "أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي او من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، وأهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين".
وأضاف عون: "لبنان راغب في التعاون مع ايران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل"، مشيراً إلى أن "اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مساعدة".
كما أكد أن "الصداقة التي نريد ان تجمع بين لبنان وايران لا يجب ان تكون من خلال طائفة واحدة او مكوّن لبناني واحد بل مع جميع اللبنانيين".
من جانبه، لفت لاريجاني إلى أن "إيران ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على كافة الأصعدة"، مضيفاً: "إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، و ما أدليت به لدى وصولي الى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وتابع: "إيران لا ترغب بحصول أي ذرة خلل في الصداقة أو في العلاقات مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وهي راغبة في مساعدة لبنان إذا ما رغبت الحكومة اللبنانية بذلك".
لقاء مع حليف حزب الله
والتقى لاريجاني في قصر عين التينة في بيروت، رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، وهو رئيس حركة أمل وحليف حزب الله.
وفي تصريح له بعد لقائه بري، قال لاريجاني: "اليوم لدينا أحسن العلاقات مع لبنان"، مضيفاً: "الرجال اللبنانيون هم أبطال في ساحة مقاومة العدو الاسرائيلي" وفق تعبيره.
ولفت إلى أن "سياسة إيران مبنية على أن تكون الدول المستقلة في المنطقة قوية ومتمكنة"، مؤكداً أنه "من خلال الحوار الودي والشامل والجاد في لبنان يمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة".
وتابع: "نحن لا ننظر لاصدقائنا كأداة"، مضيفاً: "عليكم أن تعلموا أن المقاومة هي رأسمال لكم".
وقال مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي: "نحن لم نأت ومعنا خطة إنما الأميركان هم من أتوا بورقتهم إليكم"، متابعاً: "يريدون من خلال الاعلام الكاذب ان يغيروا بين العدو والصديق فعدوكم هو “اسرائيل” التي اعتدت على لبنان".
وكان بري قد قال في وقت سابق من صباح الأربعاء في تصريح لصحيفة "النهار" اللبنانية: "إيران دولة صديقة للبنان وستبقى وحزب الله لم ينتهِ"، مؤكداً أنه لم يوافق على قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله.
وأعرب بري عن عدم استغرابه ل"هذا الهجوم" على لاريجاني، مشيراً إلى أن رفض زيارته "يأتي بناء على أمر عمليات من الخارج يحركه لوبي ينشط في الداخل. وإذا كان في إمكان المعترضين منع وصوله فليفعلوا. وإذا كان من اعتراض على تصريحات إيرانية انطلاقا من أنها تمس بالسيادة اللبنانية فندعو إلى التدقيق جيدا في تصريحات المسؤولين الأمريكيين وغيرهم".
علاقات حساسة
شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين توترا خلال الأشهر الماضية التي تلت الحرب بين حزب الله وإسرائيل، فقد أوقف لبنان الطيران المباشر بين بيروت وطهران، واستنكرت وزارة الخارجية اللبنانية عدة مرات تصريحات مسؤولين إيرانيين.
ورغم عدم ورود بيانات علنية من الأحزاب من خصوم حزب الله، إلا أن تصريحات إعلامية لعدد من نواب حزب القوات اللبنانية ومسؤوليها انتقدت الزيارة.
ولم يكن من ضمن برنامج زيارة لاريجاني أي لقاء يجمعه بوزير الخارجية اللبناني يوسف رجي المحسوب على حزب القوات اللبنانية.
وكان رجي قد استنكر في بيان رسمي للخارجية اللبنانية قبل أيام تصريحات مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي ووصفها بـ "التدخل الإيراني السافر وغير المقبول". وكان ولايتي قد عارض نزع سلاح حزب الله وقال إن مصير ذلك "سيكون الفشل".
والأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة اللبنانية موافقتها على أهداف الورقة الأمريكية لتثبيت وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، والتي تتضمن جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله، بينما انسحب الوزراء الشيعة من الاجتماع.
وفي وقت سابق، رفض حزب الله موقف الحكومة التي قررت في اجتماعها السابق تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل آخر السنة، وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري، معتبراً أنه سيتعامل معه على أنه قرار غير موجود.
محطة في العراق
قبل لبنان، كان للاريجاني وقفة في العاصمة العراقية بغداد حيث التقى كبار المسؤولين وتوج هذا اللقاء بتوقيع "مذكرة تفاهم أمنية" مع مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي.
وجاءت الزيارة، التي تستمر ثلاثة أيام، في ظل جدل كبير داخل العراق بشأن مشروع قانون يهدف لتعزيز نفوذ الحشد الشعبي القريب من طهران.
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن مذكرة التفاهم، التي أشرف على توقيعها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تركزت على التنسيق الأمني للحدود المشتركة بين البلدين، فيما خلت التصريحات من تفاصيل إضافية.
وتباحث لاريجاني مع مستشار الأمن القومي العراقي حول تنفيذ الاتفاق الأمني بين البلدين، كما استعرض تطورات الأوضاع في قطاع غزة، بحسب بيان صادر عن مكتب الأعرجي.
Today