إعلان المجاعة رسميًا في غزة.. حماس تطالب بوقف الحرب ونتنياهو يصف التقرير بـ"الكذب الصريح"

أعلنت الأمم المتحدة ومنظمات دولية، بينها الصحة العالمية واليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي والفاو، تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، في أول إعلان رسمي من نوعه في الشرق الأوسط.
وأكد بيان مشترك من جنيف أن أكثر من نصف مليون شخص عالقون في ظروف جوع كارثية، داعياً إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، إن المجاعة تضرب محافظة غزة، وإن سوء التغذية الحاد سيتفاقم بسرعة حتى منتصف 2026 ما لم يتم التدخل.
من جهته، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الكارثة بأنها "مجاعة من صنع الإنسان"، مشدداً على أن على إسرائيل ضمان دخول الغذاء والدواء، ومؤكداً أن الوضع "لا يمكن أن يستمر دون محاسبة".
بدوره، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إن المجاعة "متعمدة" ونتيجة مباشرة لمنع إدخال الغذاء والمواد الأساسية، فيما اعتبر مفوض حقوق الإنسان فولكر تورك أن التجويع قد يرقى إلى جريمة حرب. كما أكد مسؤولون أمميون أن تجنب الكارثة كان ممكناً لولا ما سموه "العرقلة الممنهجة" لنظام توزيع المساعدات.
حماس تدعو لوقف الحرب
بدورها، طالبت حركة حماس بفتح المعابر و"التحرك الفوري، لوقف حرب الإبادة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية العاجلة" إلى القطاع.
ولفتت الحركة، في بيان، إلى أن ما أعلنته الأمم المتحدة عن المجاعة في غزة "وصمة عار على الاحتلال وداعميه" و"شهادة دولية دامغة على الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أكثر من مليوني إنسان محاصر" و"تأكيد على حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها شعبنا بفعل العدوان الإسرائيلي المتواصل الذي يستخدم سياسة التجويع كأداة من أدوات الحرب والإبادة ضد المدنيين".
وطالبت حماس في بيانها بـ "تحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشكل فوري لوقف الحرب ورفع الحصار" و"فتح المعابر بدون قيود لإدخال الغذاء والدواء والماء والوقود بشكل عاجل".
"كذب صريح"
انتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو التقرير الذي استندت إليه الأمم المتحدة لإعلان المجاعة رسميا في غزة، معتبرا أنه "كذب صريح".
وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه إن "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو كذب صريح"، في إشارة الى تقرير هيئة الخبراء المدعومة من الأمم المتحدة. أضاف "إسرائيل لا تعتمد سياسة تجويع"، مشيرا الى أن "المساعدات بقيت تدخل القطاع المحاصر خلال الحرب".
نداء الصليب الأحمر
ذكّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن على إسرائيل أن تؤمن "الحاجات الأساسية للسكان" بموجب القانون الدولي.
وقالت اللجنة في بيان إنه "بموجب القانون الانساني الدولي، يتوجب على إسرائيل، كونها القوة القائمة بالاحتلال، أن تضمن تأمين الحاجات الأساسية للسكان المدنيين في غزة، باستخدام كل الموارد المتوافرة في حوزتها"، معتبرة أن إعلان المجاعة "يجب أن يكون حافزا للتحرك الفوري والملموس".
وأضافت: "أي تأخير إضافي سيكلف أرواحا. يتعين على كل أطراف النزاع، والدول ذات التأثير عليها، أن تبذل المزيد من الجهود لتمكين وصول المساعدات الانسانية بشكل آمن ومستدام ومحايد".
"وصمة عار"
أعربت السعودية الجمعة عن "قلقها البالغ" بعد ساعات من إعلان الأمم المتحدة رسميا المجاعة في غزة، حيث يعاني 500 ألف شخص من جوع بلغ مستوى "كارثيا" وفق خبرائها، مؤكدة أن هذا سيبقى "وصمة عار".
وقالت الخارجية السعودية، في بيان على منصة "إكس": "تعرب وزارة الخارجية عن قلق المملكة العربية السعودية البالغ في ضوء تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وإعلان حالة المجاعة رسميا في قطاع غزة".
وأضاف البيان "تؤكد المملكة العربية السعودية أن تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة ستظل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي ما لم يسارع بالتدخل الفوري لإنهاء المجاعة ووقف حرب الإبادة والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني".
رفض إسرائيلي للتقرير
أما إسرائيل فرفضت نتائج التقرير الأممي، واتهمت وزارة الخارجية لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) بنشر "تقرير مفبرك ومصمَّم خصيصاً ليتماشى مع حملة حماس المزيّفة".
وقالت الوزارة إنّ اللجنة "حرّفت قواعدها الخاصة وتجاهلت معاييرها من أجل إصدار اتّهامات باطلة ضد إسرائيل".
وزعمت أنّ اللجنة "غيّرت معيارها العالمي" بخفض نسبة العتبة لاعتبار المجاعة من 30% إلى 15%، إضافة إلى "تجاهلها التام لمعيارها الثاني المتعلق بمعدّلات الوفيات". وقد نفت لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هذه الاتهامات.
وأضاف البيان: "الوثيقة الكاملة للّجنة مبنية على أكاذيب حماس التي جرى تلميعها عبر منظمات ذات مصالح خاصة".
وقالت الوزارة في بيانها: "لا توجد مجاعة في غزّة"، مشيرةً إلى دخول 100 ألف شاحنة مساعدات إلى القطاع خلال ما يقرب من عامين من الحرب، وإلى "انخفاض حاد في أسعار المواد الغذائية" مؤخراً.
كما نفت هيئة "كوغات" التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية ما ورد في التقرير، مؤكدة أن تقديرات التصنيف المرحلي للأمن الغذائي "غير دقيقة وبعيدة عن الواقع".
"فضيحة أخلاقية"
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المجاعة التي يعانيها أهالي غزة وأعلنت الأمم المتحدة أنها واقعة رسميا الجمعة، "فضيحة أخلاقية" و"كارثة من صنع الإنسان".
وقال لامي في بيان "إن تأكيد المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها أمرٌ مروعٌ على نحو صارخ، وكان تفاديه ممكنا بالكامل. رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية إلى غزة تسبب في هذه الكارثة التي هي من صنع الإنسان. إنها فضيحة أخلاقية".
نفي أممي للاتهامات الإسرائيلية
بدورها، رفضت هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الأمن الغذائي الاتهامات الإسرائيلية بخفض مستوى عتبة المجاعة في التقرير الذي أصدرته حول غزّة.
وقالت الهيئة إن عتبة 30 في المئة، تُستخدم عند إجراء تقييم يعتمد على الوزن والطول، لكن هذا المقياس غير متوفر في غزة في الوقت الراهن. وعند غياب التقييم المستند على الوزن والطول، يُستخدم مقياس منفصل لمحيط أذرع الأطفال - والذي يُحدد عتبة تُعلن عن المجاعة حين يكون لدى 15% من الأطفال أذرعٌ أقل من مقاسٍ مُعين.
يشير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إلى أن هذا المعيار يطبق منذ أكثر من عقد، وقد استخدم مؤخراً لتقييم مستوى المجاعة في السودان. ويُضيف التصنيف أنّ استخدام محيط الذراع "لا يمثل عتبة مُخفّضة في منهجية التصنيف". "بل إنه يُظهر استمرار تطبيق معايير التصنيف المعمول بها".
يوم الخميس، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّه وافق على "خطط الجيش الإسرائيلي للسيطرة على مدينة غزّة وهزيمة حماس".
وأضاف أنّه "أعطى تعليماته ببدء المفاوضات فوراً من أجل الإفراج عن جميع الرهائن" وإنهاء الحرب في غزّة بشروط "مقبولة لدى إسرائيل".
Today