"لبنان الصغير".. منشأة تدريب إسرائيلية في الجولان لمحاكاة قرى الجنوب وتكتيكات حزب الله

على أنقاض قرية زعرورة السورية في شمال مرتفعات الجولان السوري المحتلّ، افتتح الجيش الإسرائيلي هذا الشهر منشأة تدريب ضخمة أسماها "لبنان الصغير"، وهي معسكر يحاكي طبيعة القرى في جنوب لبنان، بهدف تدريب الجيش على أساليب مناورة حزب الله في المعارك البرية.
وقد عمل الجيش الإسرائيلي على بناء المنشأة طيلة العامين الماضيين. وكان مقاتلو مدرسة لواء الكوماندوز من أوائل المقاتلين الإسرائيليين الذين اطلعوا عليها وتدربوا فيها، وفقًا لما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وشبّهت الصحيفة المنشأة بأنها "نسخة شمالية من منشأة غزة الصغيرة"، وهو معسكر تدريبي آخر موجود في قاعدة تساليم منذ عقدين لنفس الغرض.
خبرة مكتسبة
ونقلت الصحيفة عن رئيس فرع التدريب في القوات البرية، والمسؤول عن منشأة التدريب المقدم زوهار، قوله: "لقد تعلمنا الكثير من نجاحاتنا وإخفاقاتنا في المناورة ضد حزب الله العام الماضي، وهذه هي المنشأة الأقرب إلى الواقع".
وتابع المقدم: "ما وُجد في المنشأة يحاكي الطبيعة التي لاحظها الجنود في الميدان (جنوب لبنان)، حيث توجد شجيرات وصخور وتضاريس وعرة، ومبانٍ تكشفهم من الأعلى".
وأشار زوهار إلى أن المواجهة الأخيرة مع حزب الله في أيلول الماضي أكسبت المقاتلين الإسرائيليين خبرة، قائلًا: "في الماضي، كنا نستعين بقادة كبار لشرح طبيعة جنوب لبنان للمقاتلين الجدد، لكن الآن معظم القادة والمقاتلين في الجيش لديهم خبرة في القتال في أراضي العدو ويأتون بثقة عالية بالنفس. وفي هذه المنشأة نحاول أن نعرّضهم لجميع الطوارئ التي يمكن أن تحدث على الساحة الشمالية". مشيرًا إلى أنه خلال الأيام الأخيرة، قُصفت الأنفاق على قمة بوفورت المطلة على منشأة لبنان من مسافة حوالي ثمانية كيلومترات.
ملايين الشواكل على التخطيط والبناء
وبحسب الصحيفة، أنفقت الحكومة الإسرائيلية "ملايين الشواكل" في التخطيط ووضع حجر الأساس للمنشأة خلال العقد الماضي، لكنها واجهت العديد من العقبات، أبرزها وجود أولويات أخرى في الميزانية، وإهمال القوات البرية، فضلًا عن صعوبة العثور على مرافق تدريب مناسبة لقوات المشاة والمدرعات والهندسة.
تدريبات بالذخيرة الحية
وعلى عكس منشأة "غزة الصغيرة" التي لا يُسمح فيها بإطلاق الذخيرة الحية، يمكن للجنود في "لبنان الصغير" إطلاق الذخيرة الحية من أسلحتهم الشخصية ومن الدبابات التي تتحرك بجانبهم، بما في ذلك القذائف والرشاشات. كما يمكن لقوات الهندسة تشغيل جرافاتها من طراز D9 "على الأرض الرطبة" وتفجير العبوات الناسفة.
طبيعة المنشأة
وتضم المنشأة أيضًا عشرات الكاميرات في الأزقة والشوارع وداخل المباني للمراقبة والتقييم بعد انتهاء التدريبات، وأجهزة تسجيل تتيح للجنود والقادة الاستماع إلى الرسائل والأوامر التي تبادلوها أثناء الهجمات، ووسائل مراقبة تكنولوجية أخرى لإعادة تحليل التدريبات، بهدف الاستفادة من نقاط الضعف والقوة التي أظهرها الجنود.
إلى جانب ذلك، تحتوي المنشأة على عشرات المباني ذات الارتفاعات المختلفة، بدءًا من منازل أرضية ذات أفنية على الطراز اللبناني – مستوحاة من تصميم المناورة التي جرت قبل نحو عام – ووصولاً إلى مبانٍ من ثلاثة إلى أربعة طوابق، بالإضافة إلى مبانٍ شاهقة قد يواجهها الجنود في المناورة القادمة في لبنان، إذا وصلوا إلى بلدات جنوب البلاد ولم تقتصر مناوراتهم على القرى الحدودية.
ويوضح المقدم زوهار: "سنعمل على وضع أنقاض بين المباني في المنشأة، ونسمح للقناصة بإطلاق النار على الأهداف أيضًا، لتدريب جميع مكونات فريق المعركة. لقد قمنا بإزالة الأنقاض من مباني زعرورة القديمة لهذا الغرض".
ويضيف: "سنتمكن من تحسين مهارات التواصل بين القادة، ونجري معارك موازية بين السرايا، ونوحّد القوات. هذا التدريب يعزز ثقة المقاتلين بأسلحتهم الشخصية، وكذلك بما سيواجهونه".
وتشير الصحيفة إلى أن الوحدات والكتائب ستتلقى تدريبات مختلفة، مثل تدريبات لواء غولاني مقابل لواء كفير، نظرًا لاختلاف أنواع الأسلحة والمنصات، كما أضاف الضابط. ومن المقرر أن يُجري المركز الشهر المقبل أول تدريب كتيبي لقوات الاحتياط، في إطار استعدادهم للعمليات على الحدود اللبنانية.
5 محاور في العملية البرية الأخيرة
وكان الجيش الإسرائيلي قد توغّل خلال الحرب الأخيرة في جنوب لبنان عبر خمسة محاور عسكرية رئيسية.
شمل المحور الأول محاولات تسلل، ممتدًا من منطقة الناقورة غربًا إلى مروحين شرقًا. أما المحور الثاني، فشكّل جبهة قتال أساسية مع حزب الله، وامتد من بلدة راميا غربًا حتى رميش شرقًا.
واشتمل المحور الثالث على تقدم عسكري من بليدا جنوبًا صعودًا إلى حولا شمالًا. بينما امتد المحور الرابع من مركبا جنوبًا وصولًا إلى قرية الغجر اللبنانية التي تسيطر عليها إسرائيل شرقًا. وأخيرًا، غطى المحور الخامس المساحة الممتدة من قرية الغجر حتى مزارع شبعا.
Today