"هذه شروطنا للسلام".. بوتين يتباهى بتقدّم قواته في أوكرانيا ويتوعّد بمزيد من المكاسب
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة 19 كانون الأول/ديسمبر أن القوات الروسية تتقدم على ساحة القتال في أوكرانيا، معربًا عن ثقته بأن الأهداف العسكرية للكرملين ستتحقق بعد نحو أربعة أعوام من بدء الغزو الشامل.
وجاء ذلك خلال مؤتمره الصحفي السنوي الذي جرى هذا العام بشكل مدمج مع برنامج الاتصال الوطني "الخط المباشر مع فلاديمير بوتين"، حيث أكد الرئيس الروسي أن قواته استعادت "زمام المبادرة الاستراتيجية بالكامل" وأنها ستواصل تحقيق مكاسب إضافية بحلول نهاية العام.
وقال بوتين في الحدث الذي حضره صحفيون ومواطنون روس في فعالية منظمة بعناية: "قواتنا تتقدم على طول خط التماس، أسرع في بعض المناطق أو أبطأ في أخرى، لكن العدو يتراجع في جميع القطاعات".
حرب استنزاف طويلة
وفي الأيام الأولى من الغزو الروسي في فبراير 2022، تمكنت القوات الأوكرانية من منع روسيا من السيطرة على العاصمة كييف، ودحر قواتها من مساحات واسعة من الأراضي. لكنّ القتال لاحقًا تحول إلى معارك استنزاف عنيفة في شرق أوكرانيا، حيث حققت القوات الروسية المزيد من التقدم خلال الأشهر الماضية. وغالبًا ما يصف بوتين هذا التقدّم كـ"نجاح عسكري"، رغم أنه لا يرقى إلى "الانتصار الخاطف" الذي توقعه كثيرون داخل روسيا عند بدء الهجوم.
بوتين يستخدم الحدث لترسيخ موقعه
يُعرف عن بوتين، الذي يحكم روسيا منذ 25 عامًا، استخدامه هذا الحدث السنوي لتثبيت سلطته وعرض رؤيته حول الشؤون الداخلية والخارجية.
وقد ركزت الأنظار هذا العام على ما سيقوله حول تطورات الحرب في أوكرانيا، وعلى خطة "السلام" التي يقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي واجهت عراقيل كبيرة رغم التحركات الدبلوماسية الأميركية، وذلك بسبب ما وصفه مسؤولون في واشنطن بـ"مطالب بوتين القصوى".
بوتين يكرر شروطه للسلام
وخلال المؤتمر، قال بوتين إن موسكو "مستعدة لإنهاء الحرب بسلام"، لكنه اتهم كييف بأنها "غير جاهزة للتفاوض"، خصوصًا على خلفية مطالبة روسيا بالحصول على ما يعادل "خُمس الأراضي الأوكرانية". وأكد أن موسكو تريد تسوية تعالج "الأسباب الجذرية" للنزاع وهي الأسباب التي بررت بها روسيا الغزو في فبراير 2022 وتحولت لاحقًا إلى شروط للتفاوض.
وكان بوتين قد حذر هذا الأسبوع من أن موسكو ستوسع مكاسبها العسكرية إذا رفضت كييف وحلفاؤها الغربيون هذه المطالب.
مطالب روسيا
تشمل شروط بوتين: الاعتراف الروسي بالمناطق الأربع التي ضمتها موسكو أخيرًا، وكذلك الاعتراف بسيادتها على شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014، إضافة إلى انسحاب أوكرانيا من كامل منطقة دونباس التي تشمل دونيتسك ولوغانسك والتي لم تتمكن روسيا من السيطرة عليها بالكامل حتى الآن.
وترفض كييف جميع هذه المطالب، مؤكدة أن الدستور الأوكراني يمنع التخلي عن الأراضي "بشكل قانوني".
روسيا تطالب بوقف مساعي كييف للانضمام إلى الناتو
إلى جانب المطالب الإقليمية، شدد بوتين على ضرورة انسحاب أوكرانيا من مشروع الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، محذرًا من أن نشر جنود تابعين لدول الحلف سيجعلهم "أهدافًا مشروعة" بالنسبة لموسكو. كما كرر مطالبته بتقييد حجم الجيش الأوكراني، قائلًا إن ذلك يأتي ضمن هدف روسيا المعلن منذ بداية الحرب والمتمثل في "نزع سلاح" أوكرانيا.
كييف ترفض شروط موسكو
ترى أوكرانيا وحلفاؤها أن هذه المطالب ليست سوى محاولة "لكسب الوقت"، وتؤكد أن قبولها سيمنح روسيا فرصة لإعادة بناء قوتها العسكرية والانطلاق في غزو جديد بعد تثبيت مكاسبها وتحسين اقتصادها المتراجع.
وفي هذا السياق، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن موقف بلاده من الانضمام للناتو لم يتغير، رغم أن الولايات المتحدة "لا ترى أوكرانيا داخل الحلف في الوقت الحالي"، مضيفًا: "السياسيون يتغيرون."
زيلينسكي ليورونيوز: روسيا تريد استبعاد الاتحاد الأوروبي
وفي إجابة عن سؤال من قناة يورونيوز خلال قمة المجلس الأوروبي في بروكسل، قال زيلينسكي إن روسيا تسعى إلى "استبعاد الاتحاد الأوروبي" ليس فقط من المفاوضات الدبلوماسية، بل أيضًا من أي ضمانات أمنية مستقبلية تخص أوكرانيا.
وتعهد القادة الأوروبيون خلال اجتماع في برلين بتوفير حماية مستقبلية لأوكرانيا في حال تعرضها لهجوم روسي جديد، إلا أن زيلينسكي شدد على أن هذه الضمانات "لا يمكنها أن تكون بديلا" عن الضمانات الأمنية الأميركية، والتي ستكون "أقرب إلى المادة الخامسة" في حال تحققت.
استراتيجية موسكو: استنزاف أوكرانيا
تشن روسيا حرب استنزاف طويلة عبر الجبهات الأمامية، وتضرب منشآت الطاقة والمدن والأهداف المدنية الأوكرانية بطائرات مسيّرة وصواريخ، في إطار استراتيجية لإضعاف كييف عبر فصول الشتاء القاسية، وهي الإستراتيجية نفسها التي اعتمدتها موسكو سابقًا لمنع أوكرانيا من إعادة بناء قدراتها العسكرية.
الاتحاد الأوروبي ينقسم بشأن الأصول الروسية
وافق قادة الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة على تقديم "قرض بقيمة 90 مليار يورو" لأوكرانيا لتغطية احتياجات عامي 2026 و2027، لكنهم فشلوا في الاتفاق على استخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل الخطة، بسبب اعتراض بلجيكا التي أثارت مخاوف قانونية ومالية.
وكانت الخطة تقوم على استخدام جزء من نحو "210 مليارات يورو" من الأصول الروسية المجمّدة داخل أوروبا منها "193 مليار يورو" محتفظ بها في منشأة "يوروكلير" في بروكسل إلا أن رئيس الوزراء البلجيكي بار دي ويفير رفض ذلك محذرًا من المخاطر القانونية واحتمال الانتقام الروسي.
ومع تعثر المفاوضات، قرر الاتحاد الأوروبي اللجوء إلى الاقتراض من الأسواق المالية بدلًا من استخدام تلك الأصول.
بوتين يصف استخدام الأصول بـ"السرقة"
ووصف بوتين فكرة استخدام الأصول الروسية لدعم كييف بأنها "سرقة"، محذرًا من أنها ستقوض الثقة في اليورو وتوجه "ضربة اقتصادية وصورية" للاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق من الأسبوع نفسه، شن بوتين هجومًا لفظيًا عنيفًا على القادة الأوروبيين، واصفًا إياهم بـ"الخنازير الأوروبية"، ومتهمًا إياهم بالسعي إلى "تفكيك روسيا"، من دون تقديم أدلة. وتبقى الأصول الروسية المجمّدة معلّقة إلى حين دفع موسكو "تعويضات حرب" لأوكرانيا، والتي قُدرت بأكثر من "600 مليار يورو".
Today