هل تستطيع المنظومة الروسية "إس-500" تحييد مقاتلات "إف-35"؟
على الرغم من إعلان روسيا دخول منظومة الدفاع الجوي المتطورة "إس-500" الخدمة وقدرتها على إسقاط مقاتلات الشبح "إف-35"، بما فيها الإسرائيلية، شكّكت مصادر عسكرية واستخباراتية في صحة هذه الادعاءات، معتبرة أنها تفتقر إلى الأدلة العملية.
ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مصادر عسكرية متعددة قولها إن الحديث عن قدرة "إس-500" على تحييد "إف-35" لا يستند إلى معطيات مؤكدة على أرض الواقع، مرجّحة أن تكون هذه التصريحات جزءاً من خطاب دعائي أكثر منها توصيفاً دقيقاً لقدرات عسكرية قائمة.
وأشارت إحدى هذه المصادر، بحسب "جيروزاليم بوست"، إلى أن موسكو تعودت على إطلاق تصريحات مبالغ فيها بشأن أسلحتها المتطورة، غالباً بهدف تعزيز فرص تصديرها إلى دول أخرى، أو لإرسال رسائل ردع سياسية وعسكرية للغرب.
وأضاف المصدر أن هذا النمط من الخطاب ليس جديداً، بل تكرر في أكثر من منظومة سلاح روسية خلال السنوات الماضية.
منظومة تأخرت عن مواعيدها المعلنة
كان من المفترض أن تدخل منظومة "إس-500" الخدمة الفعلية قبل سنوات، إذ أعلنت روسيا سابقاً عن جاهزيتها المتوقعة في عامي 2021 ثم 2024، إلا أن أياً من هذه الوعود لم يتحقق حتى الآن، ما عزز الشكوك بشأن مستوى تطورها الفعلي، وفق "جيروزاليم بوست".
وبحسب الصحيفة، فإن الحرب الروسية في أوكرانيا كشفت تناقضاً واضحاً بين ما تروّج له موسكو من قدرات تكنولوجية متقدمة، وبين الأداء الفعلي لمنظوماتها العسكرية، حيث ظهرت ثغرات كبيرة ودُحضت العديد من الادعاءات التي أطلقتها روسيا علناً قبل اندلاع الحرب.
رصد "إف-35" .. مهمة معقّدة
نقل تقرير "جيروزاليم بوست" عن مصدر آخر قوله إن من المحتمل أن تمتلك منظومة "إس-500" قدرات رصد محسّنة تمكّنها نظرياً من تتبع مقاتلة شبح مثل "إف-35" من مسافات تصل إلى مئات الكيلومترات.
غير أن المصدر شدد على أن تحويل عملية الرصد إلى قدرة اشتباك فعلي، أي مطابقة حركة الطائرة بسلاح قادر على إسقاطها، يُعد أمراً بالغ التعقيد تقنياً، ولم يثبت بعد أن "إس-500" قادر على تحقيقه.
وخلصت المصادر العسكرية، وفق الصحيفة، إلى أن منظومة "إس-500" لم تصل حتى الآن إلى مستوى يسمح لها بإلغاء التفوق النوعي الذي تتمتع به الولايات المتحدة وإسرائيل عند استخدام مقاتلات "إف-35"، سواء من حيث التخفي أو القدرة على اختراق أنظمة الدفاع الجوي.
مقارنة مع "إس-300" و"إس-400"
لا تزال التفاصيل المتعلقة بمنظومة "إس-500" شحيحة، على عكس منظومتي "إس-300" و"إس-400"، اللتين استخدمتا ونُشرتا على نطاق واسع منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ما أتاح تقييماً عملياً لقدراتهما.
وفي هذا السياق تطرقت "جيروزاليم بوست" إلى التجربة الإيرانية مع منظومة "إس-300"، حيث أنفقت طهران مبالغ ضخمة على شرائها، وسعت لسنوات طويلة لتسلمها، اعتقاداً بأنها ستوفر مظلة حماية لبرنامجها النووي في مواجهة إسرائيل.
إلا أن إسرائيل، وبحسب الصحيفة، دمّرت جميع منظومات "إس-300" الخمس داخل إيران، خلال حربها الأخيرة، ما سهّل لاحقاً، وفق التقرير، تنفيذ ضربات أدت إلى تفكيك معظم البرنامج النووي الإيراني في يونيو من العام الجاري.
سباق دفاعي مفتوح على احتمالات التغيير
منذ ذلك الحين، تسعى إيران إلى تعزيز قدراتها الدفاعية الجوية، في وقت تُعد فيه أي أنباء عن تكنولوجيا روسية قادرة على تحييد "إف-35" تطوراً قد يُحدث تغييراً كبيراً في موازين القوى، بحسب الصحيفة.
ورغم ذلك، حذّرت مصادر "جيروزاليم بوست" من أن عدم قدرة "إس-500" حالياً على مواجهة "إف-35" لا يعني بقاء الوضع على حاله دائماً، مشددة على أن الولايات المتحدة وإسرائيل مطالبتان بالاستعداد لمواجهة تطور محتمل في هذا المجال.
وتشير التقديرات، بحسب ما نقلته الصحيفة، إلى أنه في حال دخلت منظومة "إس-500" الخدمة الكاملة، فقد تكون قادرة على استهداف الأقمار الصناعية وأهداف فضائية أخرى، ما يجعلها نظرياً منظومة دفاعية أكثر تطوراً وديناميكية مقارنة بما امتلكته روسيا سابقاً.
Today