فيدان من دمشق: استقرار سوريا أولوية إقليمية.. والشيباني يحذّر من تداعيات تأخير اندماج "قسد"
شدّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن استقرار سوريا يشكّل أولوية قصوى لبلاده، مؤكداً أن أنقرة تولي أهمية كبيرة لتعزيز التعاون الاستراتيجي مع دمشق، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري أسعد الشيباني في العاصمة السورية.
وقال فيدان إن زيارته إلى دمشق تأتي في توقيت رمزي، موضحاً: "بعد تحرير سوريا كنتُ أول وزير يزورها، وها أنا أعود في الذكرى الأولى أيضاً". وأضاف أن تركيا ناقشت مع الجانب السوري سبل تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ولا سيما الأمن والتجارة الحدودية.
وفي الشأن الإقليمي، دعا فيدان إسرائيل إلى التخلي عن سياساتها التوسعية، معتبراً أن المحادثات بين سوريا وإسرائيل تكتسب أهمية خاصة لأمن المنطقة ككل.
كما أشار إلى العمل الجاري لتطوير حركة التجارة على الحدود السورية–التركية بما يخدم مصالح البلدين.
وتطرّق وزير الخارجية التركي إلى ملف قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مؤكداً أنه "لا توجد نية لدى قسد لإحراز تقدم حقيقي في تنفيذ اتفاق 10 آذار"، لافتاً إلى أنها تنسّق مع إسرائيل، الأمر الذي يعرقل الوصول إلى نتائج ملموسة.
ورأى فيدان أن اندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية سيكون في صالح جميع الأطراف ويسهم في تعزيز الاستقرار.
الشيباني: المماطلة تهدد استقرار شرق سوريا
من جهته، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن المباحثات مع الجانب التركي تناولت بشكل مفصّل الأوضاع في شمال شرقي سوريا، مشيراً إلى وجود تفاهمات عامة بهذا الشأن. وأضاف: "لم نلمس مبادرة جدية من قسد لتطبيق اتفاق 10 آذار، وقد لوحظت مماطلة واضحة في تنفيذ بنوده".
وأوضح الشيباني أن الحكومة السورية قدّمت مقترحاً لقسد يدعو إلى إبداء مرونة أكبر، مؤكداً أن الرد تسلّمته دمشق مؤخراً، وأن وزارة الدفاع تقوم حالياً بدراسته. وحذّر من أن أي تأخير في اندماج قسد ضمن الجيش السوري ستكون له انعكاسات سلبية مباشرة على استقرار المنطقة الشرقية.
لقاءات رسمية رفيعة المستوى
وفي سياق الزيارة، أفادت وكالة الأنباء السورية "سانا" بأن رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، استقبل في قصر الشعب بدمشق وفداً تركياً رفيع المستوى ضم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة إبراهيم كالن.
وبحسب الوكالة، جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة آخر التطورات الإقليمية، بحضور وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة.
وكان فيدان قد وصل إلى دمشق على رأس وفد رسمي يضم وزير الدفاع التركي وعدداً من المسؤولين، في زيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات السورية–التركية ومتابعة ملفات الأمن المشترك. كما استقبل وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة نظيره التركي يشار غولر في مقر الوزارة بدمشق، وسط تغطية إعلامية محلية لوصول الوفد إلى قصر الشعب.
وفي وقت سابق أوضحت وزارة الخارجية التركية أن الوزيرين فيدان وغولر سيجريان خلال الزيارة لقاءً مع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، لإجراء "تقييم عام" للعلاقات بين البلدين منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
وأشار البيان إلى أن الزيارة ستتناول أيضاً التقدّم في تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي البلاد، وهو الاتفاق الذي "يمس عن قرب أولويات الأمن القومي لتركيا".
وكان وزير الخارجية التركي قد حذّر الأسبوع الماضي قوات سوريا الديمقراطية من أي تأجيل جديد لعملية الاندماج في الجيش السوري، معتبراً ذلك تهديداً لـ"الوحدة الوطنية" ومنبهاً إلى أن شركاء الاتفاق "ينفد صبرهم".
بدوره دعا وزير الدفاع التركي يشار غولر، يوم السبت الفائت، إلى اعتماد مسار يقوم على دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) داخل الجيش السوري، بعد عزل ما وصفهم بـ“العناصر الإرهابية” منها، وبناءً على خريطة واضحة للتنفيذ.
وخلال لقاء إعلامي في مقر وزارة الدفاع التركية بالعاصمة أنقرة، شدد غولر على أن الاستقرار والأمن في سوريا ومكافحة التنظيمات الإرهابية مسألة ترتبط مباشرة بالأمن القومي التركي.
ووقع الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي اتفاقا في 10 آذار/مارس، تضمّن بنودا عدّة على رأسها دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في المؤسسات الوطنية بحلول نهاية العام. إلا أن تباينا في وجهات النظر بين الطرفين حال دون إحراز تقدم في تطبيقه.
وأضافت الوزارة أن الوفد التركي سيبحث مع الجانب السوري المخاطر الأمنية في جنوبي سوريا في ظل ما أسمته الخارجية التركية بـ "الاعتداءات الإسرائيلية" المستمرة، كما سيتم تناول سبل التعاون لمنع إعادة إحياء تنظيم "داعش" واستغلال أي فراغ أمني في البلاد، في إطار انضمام سوريا إلى "التحالف الدولي لمحاربة داعش".
صيغة "3+3"
وأكدت مصادر دبلوماسية تركية أن هذه الزيارة تأتي في إطار التنسيق الثنائي المعروف بصيغة "3+3"، الذي يضم كبار مسؤولي الخارجية والدفاع والاستخبارات من الجانبين، موضحة أن العلاقات بين تركيا وسوريا شهدت "زخماً ملحوظاً في مختلف المجالات منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد"، وأن هذه المرحلة "تفتح آفاقاً تعاونية تاريخية، خصوصاً في مجالي الأمن والاقتصاد على المستويين الثنائي والإقليمي".
سجل اللقاءات الثنائية بين تركيا وسوريا
وشهدت الفترة الماضية سلسلة من اللقاءات بين الجانبين لتعزيز التنسيق، في 15 يناير/كانون الثاني 2024، قام وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بزيارة إلى تركيا، حيث عقد اجتماعاً موسعاً مع فيدان وغولر ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، وفي 13 مارس/آذار 2024، زار فيدان وغولر وقالن سوريا لمتابعة الملفات الميدانية والسياسية، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024، استضافت أنقرة اجتماعاً بصيغة "3+3"، ركز على تعزيز التعاون الأمني ومناقشة التطورات الإقليمية والدولية.
Today