قرار مثير للجدل في سوريا.. كلية الفنون تمنع "الموديل العاري" وتساؤلات حول حرية الإبداع

أصدرت كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق تعميمًا يُلزم أقسامها الأكاديمية بعدم استخدام "الموديل العاري" في مشاريع تخرج الطلاب، تشمل تخصصات النحت والتصوير والطباعة والحفـر.
ونص التعميم، الموجّه إلى رؤساء الأقسام، على أن القرار يأتي "انسجامًا مع الثوابت الأخلاقية والمجتمعية" في التعليم العالي.
وقع التعميم الأستاذ الدكتور فؤاد دحدوح، عميد الكلية، الذي شدد على "الإشراف الدقيق والمتابعة المستمرة لأعمال التخرج"، محذرًا من عقوبات صارمة في حال المخالفة، تصل إلى منح الطالب علامة صفر، "تحت طائلة عدم السماح بأي عمل يتضمن الموديل العاري".
وأثار القرار ردود فعل واسعة بين طلاب الكلية وفنانين سوريين. ففي حين ترى جهات رسمية فيه تأكيدًا على القيم المجتمعية، أعرب عدد من الطلاب والفنانين عن قلقهم من تقييد حرية التعبير الفني وانعكاس ذلك على جودة التعليم الأكاديمي.
أريج، طالبة في الكلية، عبّرت عن استغرابها قائلة لـ"يورونيوز": "هل أصبحت دراسة الجسد في الفن ممنوعة كما لو كانت عبادة أصنام؟ إنها توازي مادة التشريح في الطب. لماذا نرفض التعلم العلمي والجمالي معًا؟. وهل القرار محابة للسلفيين؟".
أما الرسامة ربا، فاعتبرت القرار "ضربة موجعة للثقافة الوطنية"، مشيرة إلى أنه "لا يُعد تفصيلًا إداريًا، بل تراجعًا عن المبادئ التأسيسية للفن الأكاديمي، التي تمتد من اليونان القديمة حتى اليوم".
وأضافت لـ"يورونيوز": "العميد نحات، ويعرف جيدًا أن دراسة الجسد البشري هي جوهر النحت. هذا التوجه لا يمكن أن يكون داخليًا، بل ناتج عن ضغوط خارجية".
فنان تشكيلي، فضّل عدم الكشف عن اسمه - لدواعي أمنية-، وصف القرار بأنه "انعكاس لخوف مجتمعي من الجسد، وكأنه كائن خطير". وقال لـ"يورونيوز": "نحن أمام سلطة اجتماعية تسعى لفرض وصايتها على الفن، بدل دعم التطور الثقافي. هذه السياسة لا تؤثر فقط على الفن، بل على السينما، والمسرح، ونمط الحياة اليومي. هناك محاولة لدفع الوعي بالجسد نحو مكانة 'الحرام'، بينما كان يجب أن يكون جزءًا من التعبير الإنساني الحر".
وأضاف أن مثل هذه الإجراءات "تُضعف التنافسية الأكاديمية للجامعة على المستويين الإقليمي والدولي، وتدفع بالطلاب الموهوبين إلى البحث عن بدائل خارج سوريا".
تأتي هذه التطورات في ظل تحولات متسارعة في المشهد الثقافي والاجتماعي السوري، تزامنًا مع التغيرات السياسية التي شهدها البلد في ديسمبر 2024، عقب سقوط نظام بشار الأسد وانتقال السلطة إلى أحمد الشرع.
ومنذ ذلك الحين، سُجلت "يورونيوز" سلسلة إجراءات تمس الحريات العامة، أبرزها إغلاق ملاهي ليلية ومطاعم في دمشق، وتشديد الرقابة على محلات بيع المشروبات الكحولية، إلى جانب ممارسات تُحدّ من الحرية الشخصية، كمنع ارتداء الشورت في الأماكن العامة وغيرها من انتهاكات.
كما رصدت تقارير محلية ودولية تصاعدًا في الانتهاكات بحق أقليات، وتفشيًا في العنف دون محاسبة، في ظل غياب رؤية واضحة للسلطة الانتقالية. ويُنظر إلى هذه الخطوات على أنها تناقض بنود الإعلان الدستوري، الذي يؤكد صراحةً على ضمان الحريات الفردية، واحترام التنوع الثقافي والاجتماعي في سوريا.
Today